مدى تفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة

تاريخ الفتوى: 09 يناير 2024 م
رقم الفتوى: 8244
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
مدى تفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة

هل يتفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة؟ حيث يتفاوت شعور الناس بالمشقة في الصيام، وقد سمعت: "أن الثواب على قدر المشقة"؛ فما صحة ذلك؟ وهل كلما زادت المشقة ازداد الثواب؟

الأجر والثواب يتفاوت في عبادة الصيام بطول النهار، أو اشتداد الحر فيه، أو القيام بعمل فيه نَصَب يفوق غيره من الأعمال؛ كأصحاب المهن الشاقة.. ونحوه، وهذا ما قرَّره الأصوليون والفقهاء، إلا أن ذلك مرتبط بإخلاص النية لله عزَّ وجلَّ في العبادة.

المحتويات

 

هل يتفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة

الصيام عبادة من أجلِّ العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، وهو من أعظم أسباب مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، فرضًا كان الصيام أو نفلًا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» متفق عليه.

فإذا صاحبَ الصيامَ مشقةٌ لازمةٌ؛ بحيث لا يتأتى القيام به إلا مع تحمل هذه المشقة؛ كشدة حرٍّ، أو طول يومٍ، أو القيام بعملٍ، فإن الأجر والثواب يكون حينئذ أعظم وأفضل؛ لما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها في عمرتها: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ قَدْرَ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» أخرجه الدار قطني في "السنن" والحاكم في "المستدرك" وصححه.

قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم" (8/ 152، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذا ظاهر في أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النَّصَب والنفقة، والمراد: النَّصَب الذي لا يذمه الشرع، وكذا النفقة] اهـ.

وقال العلامة الكوراني في "الكوثر الجاري" (4/ 177، ط. دار إحياء التراث العربي): [وهذا الذي أشار إليه في الحديث قانون كلي في سائر العبادات: الأجر على قدر المشقة؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7]، اللهم إلا أن يكون لشرف المكان فيه مدخل كالصلاة في المسجد الحرام، أو للزمان كليلة القدر] اهـ.

وقال العلامة محمد الخليلي القادري في "فتاوي الخليلي على المذهب الشافعي" (1/ 113، ط. الحلبي): [وأما طول النهار واشتداد الحر فيه وحصول المشقة لبعض الناس دون بعض، كما يشاهد في أرباب الكسب، والمترفهين، فالظاهر زيادة الأجر الطويل باعتبار الطول واعتبار شدة الحر؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: الأجر على قدر النصب، أو الأجر على قدر المشقة، ومثل ذلك يجري في طول بعض البلاد على بعض فيظهر عظم أجر الطويلة على القصيرة؛ لما في الطويلة من زيادة المشقة؛ فتأمل] اهـ.

المقصود بقاعدة "الأجر على قدر المشقة"

قرر الأصوليون والفقهاء أن "الأجر على قدر المشقة"، أي: كلما كثر العمل وشق كان أفضل مما ليس كذلك؛ كما في "المنثور في القواعد الفقهية" للزركشي (2/ 413، ط. أوقاف الكويت)، وينظر أيضًا: "مدارج السالكين" لابن الجوزي (1/ 106، ط. دار الكتاب العربي)، و"شرح الشيخ زروق المالكي على متن الرسالة" (1/ 541، ط. دار الكتب العلمية)، و"فتح القدير" للكمال ابن الهمام (2/ 428، ط. الفكر)، و"رد المحتار" لابن عابدين (2/ 478، ط. دار الفكر).

والمقصود بالمشقة هنا: المشقة التي لا تنفك عن العبادة، وهي التي رتب عليها الشرع الأجر العظيم والثواب الجزيل، عن غيرها من العبادات الأخرى التي لا يوجد فيها مشقة؛ إذ المشقة ليست مقصودةً شرعًا لذاتها، وإنما إذا جاءت تبعًا لمطلب شرعي أُجر الإنسان عليها، وإذا ما قصد الإنسان إدخال المشقة على نفسه فهذا أمر نهى عنه الشرع الحنيف، ووُصِف صاحبه بالمتنطع، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثًا. أخرجه مسلم في "صحيحه"، أي: المتعمقون المتشددون الغالون المجاوزون الحدود في أفعالهم وأقوالهم.

قال الإمام العز ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 37، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [عَلِمْنا من موارد الشرع ومصادره أن مطلوبَ الشرع إنما هو مصالحُ العباد في دينهم ودنياهم، وليست المشقةُ مصلحة، بل الأمر بما يستلزم المشقةَ بمثابة أمر الطبيبِ المريضَ باستعمال الدواءِ المرِّ البشع، فإنه ليس غرضُه إلا الشفاء، ولو قال قائل: كان غرض الطبيب أن يوجده مشقة ألمِ مرارةِ الدواء؛ لما حَسُن ذلك فيمن يقصد الإصلاح] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الأجر والثواب يتفاوت في عبادة الصيام بطول النهار، أو اشتداد الحر فيه، أو القيام بعمل فيه نَصَب يفوق غيره من الأعمال؛ كأصحاب المهن الشاقة... ونحوه، إلا أن ذلك مرتبط بإخلاص النية لله عزَّ وجلَّ في العبادة، وعدم قصد إيقاع عين المشقة ذاتها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الصيام لمن جاءها الحيض في سن صغيرة وأمها تمنعها من الصيام؟ فقد بَلَغت بنت سن التكليف بنزول دم الحيض وفق ما قررته الطبيبة المختصة، وتستطيع الصوم في رمضان مِن غير مشقة زائدة، وأمُّها تَمنعها مِن الصوم باعتبارها لا تزال صغيرةَ السِّنِّ في نظرها، فما حكم ذلك شرعًا؟


كيف تتعبد الحائض والنفساء إلى الله تعالى ليلة القدر؟ وهل يعتبر قيامًا لهذه الليلة المباركة؟


ما حكم إفطار طلاب المدارس والجامعات أيام الامتحانات؟ فإنهم سيؤدون بعض الامتحانات هذا العام في أيامٍ من رمضان، ولا بد لهم فيها من بذل الجهد في المذاكرة والتحصيل استعدادًا للامتحان. فهل يُعَدُّ ذلك عذرًا يبيح لهم الفطر شرعًا في هذه الأيام؟


ما حكم الفطر بسبب مشقة العمل؟ وهل يجوز للجَزَّار أن يُفْطِر لمجرد ظَنِّ مشقة الصوم في عَمَله؟


ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر؟ فقد مَنَّ الله عليَّ بوظيفة مرموقة والآن أريد أن أصوم شهرًا بنية شكر الله تعالى على تلك المنَّة، كما أنِّي أُريد أن أتصدَّق أيضًا بقيمة شهرين من راتبي.


ماذا يعني صيام رمضان بدون صلاة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57