هل تُثابُ المرأة على الأعمال والأعباء المنزلية التي تقوم بها في رمضان؟
تُثابُ المرأة على الأعمال والأعباء المنزلية التي تقوم بها في رمضان وفي غيره، وثوابها في رمضان مضاعف؛ لأنها تقوم به مع ما تلاقيه من مشقة الصيام، ويستحب أن تحتسب عملها هذا أثناء صيامها أو غيره لوجه الله تعالى، فإن ذلك آكد في حصول الثواب الجزيل.
المحتويات
وَجَّهت الشريعةُ الإسلامية النساءَ إلى كل ما يُحقق لهن السكن والمودة والسعادة والطمأنينة، ورأسُ ذلك كلُّه وعماده: الموازنة بين المطلوبات الشرعية من طاعتها لربها، وطاعتها لزوجها في المعروف؛ ولذا فقد نطقت السنة المطهرة بأبلغ ما يُرَغِّبها في ذلك؛ فقد جاء عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط"، وابن حبان، والبزار.
فمطلق طاعة المرأة لزوجها في غير معصية الله تعالى يجعلها في الجنة مع السابقين الأولين. ينظر: "التيسير بشرح الجامع الصغير" للإمام المناوي (1/ 111، ط. مكتبة الإمام الشافعي).
المرأة التي تقوم بحقوق ربها، ثم هي تراعي أمور الأعمال المنزلية محتسبة بذلك الأجر والثواب، فإنها تُثاب على ذلك، بل إنها تدرك بذلك -إن شاء الله- أجر المجاهدين في سبيل الله عز وجل؛ فقد جاء عن أنس رضي الله عنه قال: أتت النساءُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقلن: يا رسول الله، ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله، فما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله، قال: «مِهْنَةُ إِحْدَاكُنَّ فِي بَيْتِهَا تُدْرِكُ عَمَلَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رواه أبو يعلى، والبيهقي في "شُعب الإيمان".
وهذا الحديث وإن كان فيه ضعف إلا أنه يعمل به في فضائل الأعمال كما في الصورة المسؤول عنها.
والمقرر جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال بشرط ألا يكون موضوعًا ولا شديد الضعف، وأن يندرج تحت أصل عام، وألا يعتقد عند العمل به ثبوته. يُنظر: "الأذكار" للإمام النووي (ص: 36، ط. دار ابن حزم)، و"القول البديع" للحافظ السخاوي (ص: 255، ط. دار الريان للتراث).
قال العلامة الأمير الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 440، ط. مكتبة دار السلام): [(مهنة إحداكن) بفتح الميم ويكسر خدمتها.. والخطاب للنساء (في بيتها) قيامها بخدمة المنزل من كنسه وصنعة الطعام وغير ذلك (تدرك بها في الأجر جهاد المجاهدين إن شاء الله)، وفيه فضيلة خدمة المرأة في بيتها لأهلها من زوج وغيره] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "فيض القدير" (6/ 247، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(في بيتها تدرك جهاد المجاهدين إن شاء الله)، أي: فضله وثوابه عند الله] اهـ.
كما أن عملها في بيتها يُعدُّ عملًا طيِّبًا يندرج في الأعمال الصالحة التي حث عليها الشرع، ووعد عليها بالأجر الجزيل، وأكد أنه سببٌ من أسباب الحصول على الجزاء الأوفى من رب العالمين، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97].
قال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (27/ 518-519، ط. دار إحياء التراث) عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [غافر: 40]: [واحتج أصحابنا بهذه الآية، فقالوا: قوله: ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا﴾ نكرة في معرض الشرط في جانب الإثبات، فجرى مجرى أن يقال: من ذَكَرَ كلمة أو من خطا خطوة فله كذا، فإنه يدخل فيه كل من أتى بتلك الكلمة أو بتلك الخطوة مرة واحدة، فكذلك هاهنا وجب أن يقال: كل من عمل صالحًا واحدًا من الصالحات، فإنه يدخل الجنة، ويرزق فيها بغير حساب] اهـ.
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَنْفَقَ المُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً» متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 498، ط. دار المعرفة): [ويُستفاد منه أن الأجر لا يحصل بالعمل إلا مقرونًا بالنية] اهـ.
إذا كان هذا العمل مما تُثاب عليه المرأة بصفة عامة، فإن ثوابها مع القيام به أثناء صيامها -والذي فيه مشقة عليها- أبلغ وأكثر، بل إن هذا الثواب يُضاعف لها في رمضان؛ لشرفه وفضله، وهو ما قرره العلماء ونصوا عليه.
قال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (2/ 385، ط. المكتب الإسلامي) [(وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان) فاضل كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد، (وبزمان فاضل) كيوم الجمعة، والأشهر الحرم ورمضان. أما مضاعفة الحسنة، فهذا مما لا خلاف فيه] اهـ.
بناءً على ذلك: فإن المرأة تُثابُ على الأعمال والأعباء المنزلية التي تقوم بها في رمضان وفي غيره، وثوابها في رمضان مضاعف؛ لأنها تقوم به مع ما تلاقيه من مشقة الصيام، ويستحب أن تحتسب عملها هذا أثناء صيامها أو غيره لوجه الله تعالى، فإن ذلك آكد في حصول الثواب الجزيل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تفويض المرأة في الطلاق الثلاث، وذلك بأن يفوضها زوجها في تطليق نفسها الثلاث طلقات متفرقات (واحدة بعد واحدة)؟ وهل يجوز لها أن تشترط ذلك في عقد الزواج؟
ما حكم سفر المرأة بدون مَحْرَم للتفقه في الدين والمشاركة في حضور المؤتمرات الفقهية؟
ما حكم زواج الرجل من حفيدة زوجته التي طلقها قبل الدخول؟ حيث تقول السائلة: تزوّجت جدتي أم والدي برجلٍ أجنبيّ، ثم طلقها زوجها قبل أن يدخل بها، ويريد هذا الرجل أن يتزوج ببنت ابن جدّتي؛ فهل يجوز ذلك شرعًا؟
مجموعة مِن النساء يجتمعن كلَّ فترة، وتسأل إحداهن: هل يجوز أن تَؤُمَّ المرأة غيرها من النساء في صلاة الفرض؟ وما مكان وقوفها للإمامة إن جاز لها أن تَؤُمَّهُنَّ؟
نرجو منكم الرد على من أنكر فريضة الحجاب؛ حيث اطلعت مؤخرًا على خبر إعداد رسالة للدكتوراه في كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الأزهر بالمنصورة عنوانها: (الحجاب ليس فريضة في الإسلام)، وأنها قد أجيزت ومُنحت درجة الدكتوراه بامتياز، ومنذ أسبوع قرأت في إحدى الصحف اليومية خبرًا ينفي صدور هذه الرسالة من جامعة الأزهر، ويؤكد أن معظم علمائها مجمعون على فرضية الحجاب للمرأة المسلمة. ولم يظهر حتى اليوم ما يؤيد حكم الرسالة أو إنكار ما ورد بها من قبل أيٍّ من علماء الأزهر الشريف أو من هيئة كبار علمائه. وأعلم أن فضيلتكم خير من يهدينا سواء السبيل ويبين موقف شريعتنا السمحاء في هذا الخلاف، وبخاصة ونحن نجتهد لنشق طريقنا في بناء مجتمع تقوم دعائمه على الحرية والعدالة وكرامة الإنسان ذكرًا وأنثى؛ مصداقًا لحديث خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». ولعله من الضروري هنا أن أشير باختصارٍ شديد إلى ما استند إليه صاحب الرسالة (الدكتور مصطفى محمد راشد) من الأدلة والبراهين في حكم أصحاب الرأي القائل بفرضية الحجاب إلى أنهم يفسرون الآيات القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمعزلٍ عن ظروفها التاريخية وأسباب نزولها، أو المناسبات المحددة لمقولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لها. ومما استرعى اهتمامي من حجية صاحب رسالة الدكتوراه أن كلمة الحجاب بمعنى غطاء الرأس ليس لها ذكر على الإطلاق في القرآن الكريم، وأن كلمة الحجاب وردت فيه لتشمل معاني متعددة غير غطاء الرأس. ويفند وجوب تغطية الرأس بالحجاب استنادًا إلى ما هو شائعٌ من حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما عندما أمرها بأن لا تكشف وجهها وكفيها، وهو -في رأيه- استدلالٌ لا يعتد به؛ لأنه من أحاديث الآحاد التي وردت روايتها من سندٍ واحد مرةً واحدة. تلك أهم الاجتهادات التي أوردها الباحث، وأعلمُ أن لدى فضيلتكم الكثير مما يمكن أن يقال بصدد حكم الفرضية أو عدمها في هذا الصدد. والخلاصة يا صاحب الفضيلة: أرجو منكم هدايتي فيما يلي:
أولًا: هل واقعة رسالة الدكتوراه قد حدثت فعلًا في كلية أصول الدين بفرع جامعة الأزهر بالمنصورة؟
ثانيًا: وإذا كان ذلك كذلك فما موقفكم فيما انتهى إليه الأمر في مسألة فرضية الحجاب من عدمها؟
ثالثًا: هل من رأيٍ قاطع لبعض علمائنا المجتهدين حول فرض الحجاب على المرأة المسلمة دون استثناء، أم أن لدى بعضهم ما لا يُلزمها به؟
رابعًا: في حالة فرضية الحجاب هل من المصلحة التزامُ المسلمات أثناء وجودهن في ثقافة وأعراف دولٍ أو مناسباتٍ عالمية كشروط الألعاب الأوليمبية مما لا تسمح به، وذلك أثناء إقامتهن وعملهن في تلك الأقطار الأجنبية؟ وأخيرًا يا فضيلة المفتي هادينا: أرجو أن تجد هذه المشكلة فسحة من وقتكم المزدحم بقضايا الإفتاء المتعددة ومسئولياتكم الوطنية والإنسانية.. وتقبل مني خالص التقدير والاحترام والإعزاز.
ما هي الصورة التي يجب أن يكون عليها الصائم في نهار رمضان وليلة القدر؟