لديَّ مبلغ من المال وجبت فيه الزكاة، فهل يجوز لي شراء بطاطين وأغطية للشتاء من الزكاة وإعطاؤها للفقراء والمحتاجين؟
الأصل في الزكاة إخراجها من جنس المال الذي وجبت فيه، ويجوز إخراجها بالقيمة نقدًا، كما يجوز إخراجها بالقيمة عينًا كالبطاطين وغيرها، بشرط أن تصرف إلى المحتاجين إليها حاجة محقَّقة على وجه التمليك.
جعل الإسلامُ الغرض الرئيسي من إخراج الزكاة هو سدَّ حاجة المحتاجين؛ قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 330، ط. دار الفكر): [المعتمد أن مقصود الزكاة سد خلة الفقير من مال الأغنياء] اهـ.
والأصل في الزكاة أن تكون من جنس المال الذي تجب فيه؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: «خُذِ الْحَبَّ مِنَ الْحَبِّ، وَالشَّاةَ مِنَ الْغَنَمِ، وَالْبَعِيرَ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرَةَ مِنَ الْبَقَرِ» رواه أبو داود وابن ماجه.
وهو ما نص عليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، كما في "المعونة على مذهب عالم المدينة" للقاضي عبد الوهاب المالكي (ص: 389، ط. المكتبة التجارية)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (5/ 428، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة الحنبلي (2/ 432، ط. مكتبة القاهرة).
ذهب الحنفية إلى جواز إخراج القيمة في الزكاة، سواء كانت القيمة عَينيَّة أو نَقديَّة؛ لأن الأصل عندهم أن كل مال يجوز التصدق به تطوعًا يجوز الزكاة منه، وما لا فلا.
ومثل ذلك قولُ الإمام أَشْهَب وروايةٌ عن الإمام ابن القاسم مِن المالكية، وروايةٌ عن الإمام أحمد، وهو قول جمعٍ مِن الصحابة منهم: أميرُ المؤمنين عُمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل، والحسن بن علي، رضي الله عنهم أجمعين، ومِن التابعين: عمر بن عبد العزيز، وطاوس، ووافقهم الإمامان الثوري والبخاري: في جواز إخراج العروض إذا كانت بقيمة الزكاة.
قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 41، ط. دار الكتب العلمية) [وأما الذي يرجع إلى المؤدَّى فمنها أن يكون مالًا متقوَّمًا على الإطلاق سواء كان منصوصًا عليه أو لا، من جنس المال الذي وجبت فيه الزكاة أو من غير جنسه. والأصل أن كل مال يجوز التصدق به تطوعًا يجوز أداء الزكاة منه وما لا فلا وهذا عندنا] اهـ.
وقال الإمام بدر الدين العَيْنِي الحنفي في "البناية" (3/ 348، ط. دار الكتب العلمية): [(ويجوز دَفْع القِيمة في الزكاة عندنا) ش: وهو قول عُمر رضي الله عنه، وابنه، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاذ، وطاوس رضي الله عنهم، وقال الثوري: يجوز إخراج العروض في الزكاة إذا كانت بقيمتها، وهو مذهب البخاري] اهـ.
وقال الإمام ابن ناجٍ التَّنُوخِي المالكي في "شرح متن الرسالة" (1/ 327، ط. دار الكتب العلمية): [وقيل: إن إخراج القيمة مطلقًا جائز؛ قاله أشهب، وبه قال ابن القاسم في "العُتْبيَّة"، وقيل بعكسه، وفي سماع ابن أبي زيد عن ابن القاسم: له أن يخرج العين عن الحَب، بخلاف العكس، ولم يحفظه خليلٌ إلا لأشهب فقط] اهـ.
وقال العلامة المِرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 65، ط. دار إحياء التراث العربي): [وعنه: تجزئ القيمة مُطلَقًا] اهـ.
وذهب الإمام ابن حبيب مِن المالكية، والإمام أحمد في روايةٍ إلى جواز إخراج القيمة، بشرط أن تكون في مصلحة الفقراء والمحتاجين وأنفَعَ لهم.
قال الإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي في "الذخيرة" (3/ 56، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال سند: ومنع مالكٌ مِن إخراج الحَبِّ والعَرْض في الكتاب، وأجازه ابن حبيب؛ إذ رآه أحسَنَ للمساكين] اهـ.
وقال العلامة المِرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 65): [وعنه: تجزئ للحاجة مِن تعذُّر الفرض ونحوه، نَقَلَها جماعةٌ، منهم القاضي في "التعليق"، وصَحَّحَها جماعةٌ، منهم ابن تميم، وابن حمدان، واختاره الشيخ تقي الدين. وقيل: ولمصلحةٍ أيضًا، واختاره الشيخ تقي الدين أيضًا. وذكر بعضُهم رواية: تجزئ للحاجة] اهـ.
بخصوص الحالة المسؤول عنها: فيجوز للمزكي أن يخرج الزكاة مالًا، ويعطيه للفقراء والمحتاجين، ثم يقوموا بشراء ما يحتاجون من بطاطين وغيرها؛ بناءً على الأصل الذي قرره جمهور الفقهاء.
كما يجوز للمزكي أن يخرج الزكاة قيمة؛ بأن يشتري بمال الزكاة ما يماثل قيمتها من البطاطين، ويعطيها للفقراء والمحتاجين؛ بناءً على ما ذهب إليه الحنفية وغيرهم.
والمختار للفتوى جواز إخراج الزكاة في صورة بطاطين وأغطية للشتاء، بشرطين يلزم مراعاتهما:
الأول: أن تتحقق حاجة الفقراء والمحتاجين إلى ذلك.
الثاني: أن تعطى لهم على سبيل التمليك بنية الزكاة.
قال الإمام السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (2/ 202، ط. دار المعرفة): [والأصل فيه أن الواجب فيه فعل الإيتاء في جزء من المال ولا يحصل الإيتاء إلا بالتمليك فكل قربة خلت عن التمليك لا تجزي عن الزكاة] اهـ.
وقال الإمام الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (3/ 137، ط. دار الفكر): [(وتجب النية) في الزكاة للخبر المشهور. والاعتبار فيها بالقلب كغيرها (فينوي هذا فرض زكاة مال أو فرض صدقة مالي أو نحوها) كزكاة مالي المفروضة، أو الصدقة المفروضة، أو الواجبة، أو فرض الصدقة كما اقتضاه كلام "الروضة" و"المجموع"] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالأصل أن تُخرَج الزكاة من جنس المال الذي وجبت فيه، ويجوز إخراج قيمتها من غيره نقدية كانت أم عينية ما دام في هذا تحقيق مصلحة الفقير والمحتاج، ومن ثمَّ فإخراج الزكاة في صورة بطاطين وأغطية في الشتاء لمن يحتاجها من الفقراء والمحتاجين جائز بشرط أن تصرف إلى المحتاجين إليها حاجة محقَّقة على وجه التمليك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الزكاة على الذهب المشترى للزينة فسيدة متزوجة تملك ذهبًا وزنه 120 جرامًا عبارة عن شبكة قدمها لها الزوج في سبتمبر سنة 1970م، ولم يخرج عنه زكاة حتى الآن. والسؤال: هل تجب الزكاة في هذا القدر؟ وكيف يمكن حسابها عن عشر السنوات الماضية علمًا بأن الزوج لا يرى ضرورة في أداء هذه الزكاة، والزوجة تريد تنفيذ شرع الله، وفي حالة وجوب الزكاة وعدم موافقة الزوج على أدائها، فهل إذا أخرجتها الزوجة دون علم زوجها من مالها الخاص تعتبر عاصية لزوجها؟ ويقول السائل في طلبه: مع ملاحظة أنها لا تلبس هذا الذهب بل هو محفوظ في بيتها. وطلب بيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما حكم الزكاة في جهاز طبي اشترك فيه عدد من الممولين؟ حيث تم شراء جهاز طبي يتم تأجيره للمستشفيات، اشترك في شرائه عدد من الممولين، ويتم دفع صافي الأرباح لهم كل ستة أشهر. فكيف تحسب الزكاة؛ هل تخرج عن رأس المال، أو عن الأرباح فقط، أو عن الاثنين معًا؟
ما حكم الزكاة في المنتجات التي يتم زراعتها في الماء؟ فسائل يقول: عندي بعض الأحواض المائية، وأستغلها في زراعة بعض أنواع الطحالب والأشينيات المائية، ثم أبيعها بعد ذلك، فهل تجب فيها الزكاة؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.
ما حكم دفع الزكاة لجمعية تتولى رعاية مرضى الـ"ألزهايمر"؟ فهناك جمعية مصرية أهلية مُشهَرة بالإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات بوزارة التضامن الاجتماعي، وتخضع لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية.
وحيث إن الجمعية تتولى الرعاية الطويلة لمرضى الـ"ألزهايمر"، والاكتشاف المبكر للمرض في دُور الرعاية الخاصة بها، فهل يجوز الصرف من مال الزكاة في الأنشطة الآتية:
- دار لاستضافة مرضى الـ"ألزهايمر" من الرجال والعمل بنظام الكفالة، وأخرى لرعاية مرضى الـ"ألزهايمر" من النساء.
- دار لاستضافة أطفالنا من مرضى السرطان.
- تجهيز مستشفى لأمراض الـ"ألزهايمر" والمُسنين.
- وقف لعلاج المرضى المُسنين في المنزل.
- تقديم المساعدات العلاجية والغذائية ومستلزمات المرض.
- قسم المساعدات الإنسانية لإعالة أهل الحوائج والدعم الغذائي والقوافل الإغاثية.
ما حكم التبرع من أجل القضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي من الزكاة؟ فأنا أتشرف أن أتقدم لسيادتكم بخالص التحية والتقدير لما تبذلونه من مجهودات لإعادة المرجعية الوسطية للفتوى لمجتمعنا المصري؛ ونظرًا إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية من أهم أولويات الحكومة المصرية فقد تم إنشاء صندوق تحيا مصر بالقرار الجمهوري 84/2015 والذي ينص في المادة السادسة على أن يختص الصندوق بمعاونة أجهز الدولة في إقامة مشروعات خدمية وتنموية في مجالات تطوير العشوائيات، والحد من ظاهرة أطفال بلا مأوًى التي تساهم في دعم الموقف الاجتماعي والاقتصادي بالدولة، وإقامة مشروعات تنموية تقوم عليها شركات جديدة مملوكة ملكية تامة للصندوق، أو يساهم في رأس مالها طبقًا للقواعد والضوابط التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء.
وحيث إن الاهتمام بصحة المواطن المصري عامة ومريض فيروس سي خاصة من أهم أولويات الحكومة المصرية، ودعمًا للارتقاء بمستوى الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين، واستمرارًا للجهود المبذولة في البحث عن أفضل العلاجات لمرض الالتهاب الكبدي الفيروسي سي في مصر، قام صندوق تحيا مصر بالتنسيق مع وزارة الصحة وجهات أخرى شريكة بتبني البرنامج القومي للقضاء على فيروس سي ، وذلك من خلال إنشاء مراكز علاج متخصصة، وتوفير أحدث علاج متوافر عالميًّا، بالإضافة إلى الرعاية المتكاملة للمريض حتى يشفى.
لذا أرجو من سيادتكم التكرم بدراسة مدى إمكانية اعتبار التبرع من أجل القضاء على الالتهاب الكدي الفيروسي سي في مصر بابًا من أبواب الزكاة. ونشكر لسيادتكم حسن تعاونكم. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
هل يجوز أن أعطي لأختي زكاة مال وهي أرملة ولديها ثلاثة أطفال؟ مع العلم بأن هناك أكثر من شخص يقوم بمساعدتها. وهل يجب إعلام زوجي بهذا التصرف، علمًا بأن هذا مالي الخاص؟