حكم أخذ المُضَحِّي من شَعْره وظُفُره من أول ذي الحجة

تاريخ الفتوى: 01 يونيو 2025 م
رقم الفتوى: 8649
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الذبائح
حكم أخذ المُضَحِّي من شَعْره وظُفُره من أول ذي الحجة

ما حكم الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد أن يضحي؟ فأنا أريد أن أضحي هذا العام إن شاء الله، وقد سمعت أن مَن نوى الأضحية يحرم عليه أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا حتى يضحي، فهل هذا صحيح؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.

يُسَنُّ لمَن يريد التضحية ألَّا يأخذ شيئًا من شَعره ولا ظُفُره من أول شهر ذي الحجة حتى يُضحي، فإن نسي فأخذ منها أو احتاج إليه لدفع أذًى فلا حرج عليه وأضحيته صحيحة، ولا ينبغي أن تكون المسألة مثار نزاع وخلاف بين الناس، ولا ينكر أحد على أحد، فهي من المسائل التي اختلف الفقهاء بشأنها، ومن المقرر أنه "لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المتفق عليه"، فبأي قول أخذ المكلف أجزأه ولا حرج.

المحتويات

 

بيان المراد بالأضحية وفضلها

الأضحية اسمٌ لما يُذْبَح مِن الإبل والبقر والغنم، يوم النَّحْر وأيام التشريق، تَقرُّبًا إلى الله تعالى، وهي شعيرة الإسلام في عيد الأضحى المبارك، والأصل في مشروعيتها: قول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 1-2]، وما رواه الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا".

وعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أن النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا: أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا» متفقٌ عليه.

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الأئمة: الترمذي وابن ماجه، والحاكم وصحَّحه.

حكم أخذ المضحي من شعره وأظفاره من أول ذي الحجة

اختلف الفقهاء في حكم أخذ من أراد الأضحية شيئًا من شعره أو أظفاره من أول ذي الحجة إلى أن يضحي، فذهب المالكية والشافعية وجماعة من الحنابلة إلى استحباب عدم أخذ شيء منها، وعدوا الأخذ منها من قبيل المكروهات، والحكمة من ذلك أن يبقى المضحي كامل الأجزاء ليعتق من النار.

واستدلوا على ذلك بما أخرجه الإمام مسلم عن السيدة أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، وفي رواية أخرى في "مسلم" أيضًا: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ». قالوا: وظاهر النهي في هذا الحديث محمول على الكراهة التنزيهية لا التحريمية أو الحرمة، ووجه هذا الحمل ما أفاده حديث الإمام البخاري عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قالت: "كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إِلَى الكَعْبَةِ، فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرِّجَالِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ".

قال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 392): [مذهبنا أن إزالة الشعر والظفر في العشر لمن أراد التضحية مكروه كراهة تنزيه حتى يضحي] اهـ.

وقال العلامة الصاوي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (2/ 141، ط. دار المعارف): [يندب ترك حلق الشعر من سائر البدن، وترك قَلْم الأظفار في التسعة الأيام الأوَل من ذي الحجة لمن يريد التضحية ولو بتضحية الغير عنه] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 436، ط. مكتبة القاهرة): [ومن أراد أن يضحي فدخل العشر، فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئًا... قال القاضي وجماعة من أصحابنا: هو مكروه غير محرم. وبه قال مالك والشافعي؛ لقول السيدة عائشة رضي الله عنها: "كُنْت أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ثُمَّ يُقَلِّدُهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ، حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ" متفق عليه] اهـ.

وذهب الحنفية إلى إباحة الأخذ من الشعر والأظفار لمن أراد التضحية، فيجوز عندهم الأخذ من الشعر أو الأظفار دون ترتب كراهة على ذلك الفعل أو حرمة.

 واستدلوا على ذلك بما أخرجه الإمام البخاري عن أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُهْدِي مِنَ المَدِينَةِ، فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لاَ يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ».

قالوا: ولأنه مُحِلٌّ، فلم يكره له أخذ شعره وبشره كغير المضحي، ولأن من لم يحرم عليه الطيب واللباس لم يحرم عليه حلق الشعر كالمحل.

قال الإمام القدوري في "التجريد" (12/ 6344، ط. دار السلام): [قال أصحابنا رحمهم الله: إذا دخل العشر وأراد الإنسان أن يضحي أو عين أضحيته، لم يلزمه أن يجتنب حلق الشعر وقص الأظفار] اهـ.

بينما ذهب الحنابلة في المذهب إلى حرمة الأخذ من الشعر والأظفار، عملًا بظاهر حديث السيدة أم سلمة، وأن النهي يقتضي التحريم.

قال العَلَّامة البُهُوتي الحنبلي في "دقائق أولي النُّهَى" (1/ 614، ط. عالم الكتب): [(وإذا دخل العشر)، أي: عشر ذي الحجة (حَرُمَ على من يضحي أو يضحَّى عنه أخذ شيء من شعره أو ظفره أو بشرته إلى الذبح)، أي: ذبح الأضحية؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعًا: «إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» وفي رواية: «وَلَا مِنْ بَشَرَتِهِ»] اهـ.

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 108، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ومن أراد أن يضحي، فدخل العشر: فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئًا)... (وهل ذلك حرام؟ على وجهين) وأطلقهما في "الفصول"، و"المستوعب"، و"المغني"، و"الشرح"، و"شرح ابن منجا"، و"الفائق"، و"شرح الزركشي"، أحدهما: هو حرام، وهو المذهب] اهـ.

المختار للفتوى في حكم أخذ المضحي من شعره وأظفاره من أول ذي الحجة

المختار للفتوى هو استحباب إمساك المضحي عن الأخذ من شعره أو أظفاره من أول ذي الحجة إلى أن ينتهي من الذبح؛ وذلك جمعًا بين الروايات؛ إذ الجمع أولى من الترجيح ما أمكن، فحديث أم المؤمنين السيدة عائشة يدل على عدم حرمة الأخذ من الشعر أو الأظفار، وحديث أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها يدل على طلب عدم الأخذ منها، فيحمل حديث الطلب على السنة والاستحباب دون الإيجاب، فلا يكون واحد من الحديثين مطروحًا.

وعليه: فإنْ وفَّى مريد الأضحية بذلك فقد بلغ الكمال، وإن أخذ من شعره أو أظفاره شيئًا فأضحيته صحيحة ولا شيء فيها، وغاية ما في الأمر أنه ترك المستحب، وترك المستحب لا يرتب ذنبًا ولا معصية أو حرمة، وهذا كله ما لم يحتج إلى الأخذ من الشعر أو الأظفار، فإن احتاج إلى ذلك كمن يؤذيه ترك الشعر أو الأظفار فلا شيء عليه ولا كراهة ولا مخالفة للمستحب؛ إذ الكراهة تزول لأدنى حاجة.

قال العلامة الشهاب الرملي في "حاشيته على أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (1/ 186، ط. دار الكتاب الإسلامي): [الحاجة قد تدفع الكراهة] اهـ.

وقال الشيخ تقيِّ الدين ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (21/ 203، ط. مجمع الملك فهد): [عند الحاجة تزول الكراهة] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي السؤال: فإنَّه يُسَنُّ لـمَن يريد التضحية ألَّا يأخذ شيئًا من شَعره ولا ظُفُره من أول شهر ذي الحجة حتى يُضحي، فإن نسي فأخذ منها أو احتاج إليه لدفع أذًى فلا حرج عليه وأضحيته صحيحة، ولا ينبغي أن تكون المسألة مثار نزاع وخلاف بين الناس، ولا ينكر أحد على أحد، فهي من المسائل التي اختلف الفقهاء بشأنها، ومن المقرر أنه "لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المتفق عليه"، فبأي قول أخذ المكلف أجزأه ولا حرج.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟ حيث اعترض عليَّ بعض الأصدقاء في العام الماضي، وقال لي بأنه لا يصح ذبح الأضحية ليلًا، فهل هذا صحيح أو لا؟ بحيث أتمكن من فعل ما هو موافق لأحكام الشرع الحنيف في هذا العام، علمًا بأن هذا الوقت هو الذي يكون مناسبًا لي في الأغلب.


ما حكم استفادة الجمعيات الخيرية من فرق سعر الأضاحي؟فيشرفنا إفادة سيادتكم بأن جمعيتنا تنفِّذ مشروع الأضحية منذ سنتين، بالنيابة عن الراغبين في ذلك من مصر وكافة دول العالم، وتقوم بتوزيع لحوم الأضاحي على المستحقِّين.
وفي هذا العام ترغب الجمعية في استيراد جزء من الأضاحي من الخارج، وسيتم تنفيذها طبقًا للشريعة الإسلامية وتوقيتها؛ لأن هناك فرصة للوصول إلى سعر أضحية أقل كثيرًا من السعر في السوق المحلي، وهي التي سيتم توزيعها طوال العام. ويتم شراء الجزء الآخر من السوق المحلي لتوزيعه مباشرة على المستحقين في أيام العيد؛ لأن المستورَد لن يصل إلا بعد شهر من العيد، وبعد دراسة الأسعار وجدنا أن تكلفة الأضحية من مزارعنا هي حوالي 950 جنيهًا مصريًّا وهي أقل من تكلفة السوق المحلي، في حين أن تكلفة الأضحية مستوردة من الخارج تقل كثيرًا عن هذا المبلغ. لذا، نرجو من فضيلتكم إفادتنا بالآتي:
هل يجوز أن نوحِّد سعر صكِّ الأضحية بمبلغ 950 جنيهًا سعر السوق المحلي، ونقوم باستثمار الفائض من فرق السعر في الآتي:
إطعام الفقراء طوال العام، أخذ جزء منه للمصاريف الإدارية والدعاية والإعلان الخاصة بمشروع الأضحية، مشاريع أخرى للبنك.
سيتم الاتفاق والتعاقد على استيراد كمية مكمِّلة للأضاحي من أستراليا، وسيتم تحويل 50% فقط من قيمتها عند التعاقد، وسداد المبلغ الباقي بعد التسلم في مصر؟ وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نتقدَّم بخالص الشكر والتقدير لفضيلتكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ما حكم صيام أيام التشريق للمتمتع؟ حيث إن هناك بعض الحجاج يحُجُّون متمتعين ولا يقدرون على شراء هدي التمتع، ويريدون أن يصوموا عِوَضًا عن الهدي ثلاثة أيام في الحج، فهل يجوز صيام هذه الأيام الثلاثة في أيام التشريق؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة؟


سائل يقول: رزقني الله ثلاث بنات، ولم أقم بعمل العقيقة عنهن في وقت ميلادهن، فهل يجوز لي أن أقوم بعمل ذلك عنهن الآن؟


السؤال من وزارة التجارة والصناعة شؤون التموين أن الاتحاد العام للقصَّابين بالقاهرة قد شكا للوزارة من أنه بسبب قفل الأسواق في الأقاليم الموبوءة بالكوليرا تعذَّر جلب الحيوانات المعدَّة للذبح بالعدد الكافي للوفاء بحاجة المستهلكين، وطالب بالعودة إلى حظر الذبح ثلاثة أيام في الأسبوع؛ للموازنة بين العرض والطلب، ولإزالة عوامل ارتفاع الأسعار؛ ونظرًا لما تعلقه هذه الوزارة من الأهمية على موازنة العرض والطلب بقدر الإمكان، فإنه قد يكون من المفيد أن يصرف الناس عن الإسراف في ذبح الأضحيات إذا كان يجوز شرعًا الاستعاضة عنها بما يساوي ثمنها من الصدقات الأخرى، وفي ذلك ما فيه من العمل على خفض الأسعار تيسيرًا على الطبقات الفقيرة؛ لذلك أكون شاكرًا لو تفضلتم بإفتاء الوزارة فيما إذا كان من الجائز استبدال الأضحية عينًا بالصدقة بما يوازي ثمنها في أقرب وقت؛ ليتسنى للوزارة إذاعتها على عامة المسلمين بكافة الوسائل الممكنة.


ما حكم الاشراك في النية في ذبيحة واحدة بين الأضحية وعمل الوليمة ودعوة الناس إليها بمناسبة بناء منزلٍ جديدٍ وهي التي تُسمَّى بالوكيرة، أو أن الأولى عمل هذه الوكيرة من الثلث الخاص بي وبأهل بيتي في الأضحية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 يونيو 2025 م
الفجر
4 :9
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 53
العشاء
9 :26