01 يناير 2017 م

علم الجرح والتعديل

علم الجرح والتعديل

علم الجرح والتعديل أو علم الرجال، هو أحد العلوم التي تميَّزَ بها المسلمون عن سائر الأمم، وقد كان الهدف منه التثبت من نقل الأخبار والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتوقف على هذا العلم الحكم بصحة الخبر أو الحديث أو ضعفه أو كذبه، وهو توجيه إلهي حث الله سبحانه عليه المؤمنين حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6].

وهو علم لم يكن عند أحد قبل المسلمين، والذين قلَّدوهم من بعدهم فإنهم لم يبلغوا ما بلغه المسلمون من تحرير ونقد، ومتابعة تامة لأحوال الرواة المحدثين، وقد ألَّف العلماء كتبًا كثيرة احتوت على تصنيف للرواة، ودرجة كل منهم، ومن يؤخذ منهم فيكون مصدَّقًا، ومن يحتاج إلى ذكر رواة آخرين لنفس ما قال أو معناه حتى يتم قبول روايته، ومن هو كذاب لا يجوز الأخذ عنه، ومن كان حافظًا متقنًا، ثم مع امتداد العمر به لم يعد عقله يحفظ بنفس القوة، فتُقْبَلُ مرويَّاته الأولى، وترفض الأخرى، أو تؤخذ بحذر. 

يقول الإمام الذهبي على سبيل المثال في كتابه "ميزان الاعتدال": "وقد احتوى كتابي هذا على ذكر الكذابين الوضَّاعين المتعمِّدين قاتلهم الله، وعلى الكاذبين في أنهم سمعوا ولم يكونوا سمعوا، ثم على المتهمين بالوضع أو بالتزوير، ثم على الكذابين في لهجتهم لا في الحديث النبوي، ثم على المتروكين الهَلْكَى الذين كثُر خطؤهم وتُرِكَ حديثُهم ولم يُعْتَمَدْ على روايتهم، ثم على الحفاظ الذين في دينهم رِقَّة، وفي عدالتهم وهن، ثم على المحدِّثين الضعفاء من قِبل حفظهم... ثم على المحدِّثين الصادقين أو الشيوخ المستورين الذين فيهم لين ولم يبلغوا رتبة الإثبات المتقنين..." إلخ.

فانظر كيف تعامل العلماء في تراثنا الإسلامي مع مسألة الرواية بهذه الدِّقَّة، حتى تُعرف درجة كل نص ورد إلينا، من حيث صحته أو ضعفه أو كذبه بدقة شديدة، وكان علماؤنا يتشددون في هذا الأمر حتى يحفظوا دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكذا أقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.

والحق أن هذا الأمر لم يتوقف عند هذا الحد وحسب، بل تعداه إلى مسألة التوثيق في حدِّ ذاتها لأي رأي ولكل قول، وصار منهجًا معتمدًا وساريًا في الأمة الإسلامية تُقَرَّر من خلاله صحة الآراء وتاريخها، حتى يتمَّ الاحتجاج والاستدلال بها حتى ينتهي الباحث عن الحق إلى مبتغاه.

المراجع:

- "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للذهبي.

- "الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم" لعبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني الدمشقي.

من أبرز العلوم التجريبية التي أسهمت فيها الحضارة الإسلامية بالنصيب الأوفر هو علم الطب، ذلك العلم الذي يهتم بصحة الإنسان ويضع له طرق الوقاية والعلاج من الأمراض، ولم يقتصر إسهام الحضارة الإسلامية في مجال العلوم الطبية على اكتشاف الأمراض المختلفة، ووصف الأدوية المناسبة لعلاج هذه الأمراض، بل اتسع وامتد إسهام المسلمين في الحضارة الطبية حتى بلغ مرحلة التأسيس لمنهج تجريبي دقيق يتفوق ويسمو على مناهج المدارس الطبية التقليدية التي كانت سائدة قبل الإسلام، كالصينية والهندية والبابلية والمصرية واليونانية والرومانية بل والمدرسة العربية قبل الإسلام، فعلى الرغم مما وصلت إليه


كان للمسلمين دورٌ كبيرٌ في نهضة علم الجغرافيا والتعرف على تضاريس الأرض ومعرفة خواصها، لقد دعا القرآن الكريم الناس إلى السير في الأرض للتعرف على أدلة خلق الله تعالى وعظمة إبداعه وآثار الأمم السابقة، فقال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20]، وقال جل شأنه: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 20]، وقال أيضًا:


اعتنى الإسلام بأمر الصحة بعامة، وأرشدنا الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام إلى جملة من الآداب التي ارتقى بعضها إلى عبادات واجبة؛ ليكون المجتمع الإسلامي مجتمعًا صحيًّا آمنًا بنسبة كبيرة من الأمراض والأوبئة، وتقليص فرص ظهورها قدر الإمكان، مما ينعكس بشكل إيجابي على كفاءة أفراد المجتمع وطاقته الإنتاجية وقوته وفتوَّته.


من العلوم التجريبية التي أسهمت فيها الحضارة الإسلامية بنصيب كبير علوم الطبيعة (الفيزياء)، وشأن كل العلوم بدأ المسلمون في استيعاب ما وصلت إليه الحضارات القديمة في هذا العلم، ثم ما لبث المسلمون حتى قاموا بالتجديد والتطوير والإضافات الفريدة التي قامت على أسس البحث التجريبي الصرف الذي كان لعلماء المسلمين فضل السبق في إرساء دعائمه. وكان من نتائج المنهج التجريبي لدى المسلمين استنتاج نظريات جديدة وبحوث مبتكرة في قوانين الحركة، والقوانين المائية، وقانون


لا تنفصل الأخلاق في الإسلام عن أي منحىً من مناحي الحياة، فلا يوجد في حياة المسلم أي فعل أو سلوك يمكن أن يقوم به وهو غير متقيد بالمنظومة الأخلاقية التي أقرَّها الإسلام، وإذا كانت السلوكيات الاقتصادية الماديَّة في العصر الحديث وفق الثقافات الغربية منبتَّة الصلة بالأخلاق إلا على سبيل الاستحباب، وأحيانًا الحرمة، فإنها في المنظور الإسلامي لا تقوم إلا على أساس متين من الأخلاق السامية والقيم النبيلة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :27
الشروق
6 :54
الظهر
12 : 42
العصر
4:1
المغرب
6 : 30
العشاء
7 :47