ما حكم الوصية بقطع صلة الرحم؛ فقد منعني زوج شقيقتي من زيارتها في المستشفى بحجة وجود وصية من شقيقتي بمنعي من زيارتها، وقام بنفسه بمنعي من الدخول إليها في الرعاية المركزة، وتوفيت بعد خمسة أيام، فقام بدفنها ولم يبلغني بالوفاة أو الدفن، وأبلغ الناس عند الدفن أنه توجد وصية أيضًا بذلك.. إلخ. ويطلب السائل الإفادة عما إذا كان توجد وصية في الإسلام بقطع الرحم، وما حكم الإسلام في زوج شقيقتي وإخوته فيما قاموا به؟
الوصية من مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، وتعتريها الأحكام التكليفية الشرعية: الحل والحرمة والإباحة والندب والاستحباب، فتكون الوصية محرمة إذا كانت بمعصية من المعاصي. وعليه: فالوصية المذكورة بقطع صلة الرحم هي وصية بمعصية يحرم تنفيذها شرعًا.
المحتويات
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180].
وروى ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ، وَمَاتَ عَلَى تُقًى وَشَهَادَةٍ، وَمَاتَ مَغْفُورًا لَهُ»، وقد أجمعت الأمة على مشروعية الوصية.
مما سبق يتبين أن الوصية من مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، وأنها تعتريها الأحكام التكليفية الشرعية: الحل والحرمة والإباحة والندب والاستحباب، فتكون الوصية محرمة إذا كانت بمعصية من المعاصي؛ كالوصية لشخص بخمر أو دار للهو وما شاكل ذلك أو الوصية بقطيعة رحم أو قطع معونة عن محتاج إليها.
في واقعة السؤال: فإذا ثبت أن شقيقة السائل قد أوصت بقطع صلة الرحم بينها وبين شقيقها السائل فإن هذه الوصية تكون وصية بمعصية، وهي مخالفة للقواعد الشرعية التي أمر بها الإسلام من صلة الرحم وتحريم قطعها الثابت بالأحاديث النبوية الشريفة الواردة في هذا الباب؛ كقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما روته السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِى وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَنِى قَطَعَهُ اللهُ» رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- وأبو داود والترمذي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُم وَيَقْطَعُونِي، وأُحسنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وأَحْلُمُ عَنهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَال: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» رواه مسلم، ومعنى هذا الحديث كما ورد في "صحيح مسلم بشرح الإمام النووي" (7/ 639): [إنك بصلتك لمن يقطع رحمك كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم من قطيعته وإدخالهم الأذى عليه، وقيل: معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم؛ لكثرة إحسانك إليهم وقطيعتهم لك] اهـ بتصرف يسير.
فإذا كانت شقيقة السائل قد أوصت وطلبت عدم حضور شقيقها إليها بالمستشفى أو عدم حضور جنازتها حقيقة فقد كان من الواجب على زوجها وإخوته عدم تنفيذ تلك الوصية؛ لأنها وصية بمعصية، وقد أعانوها عليها، والإعانة على المعصية معصية، وهي وصية باطلة شرعًا، وكل من يشارك في تنفيذها ويُصِرّ عليها يكون مشاركًا في معصية، وكأنها نذرت بمعصية؛ وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» رواه البخاري، وكان يتعين عليهم ديانة وإنسانية ألا يحرِمُوا السائل من رؤية شقيقته، وألا يوسعوا هوة الخلاف بينهما مهما كانت الأسباب والدوافع خاصة إنها كانت في حالة مرض الموت.
الذي نودّ أن نلفت النظر إليه في مثل هذه المواقف هو ما ذكره القرآن الكريم من قوله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ۞ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 133-134].
إن العفو من صفات الكرام والصفح الجميل مما حث عليه الإسلام ودعا إليه في قوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، ما أحسن وما أجمل أن يمدّ كل طرف من الأطراف يده إلى الآخر تاركًا وراء ظهره مخلفات الماضي، وبدء صفحة جديدة من المودة والحب والإخاء؛ ليسعد المجتمع بأفراده وأسره ويعيش الناس جميعًا في أمن وأمان، وخير الفريقين الذي يمد يده إلى الآخر كما أخبر بذلك رسول الإنسانية ومعلم البشرية صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: «يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ» متفق عليه. هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال. ومما ذكر يعلم الجواب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الوصية عند عدم وجود الموصى له؛ فرجل تُوفّي، وكان قد أوصى أن يُصرَف المبلغ الذي يستحقه من الصندوق الاجتماعي الذي اشترك فيه والتابع لجهة عمله إلى ما يُسْتَجَدُّ من أولادٍ بعد اشتراكه، وهذا المُتوفَّى لم ينجب أولادًا وانحصر ميراثه في زوجته، وفي أخويه شقيقيه (أخ وأخت) فقط؛ وذلك طبقًا لما جاء بصورة الإعلام الشرعي، فمن يستحق هذا المبلغ؟
ما حكم تصرفات غير الولي في مال القاصر؟ فقد ورد سؤال نصه كالتي توفي الأب عن: زوجة، وثلاثة أبناء وبنت، وأختين شقيقتين، ثم توفيت زوجته بعده، وبعد أن كبر الابن الأكبر باع مال أمه، وهي أراضٍ زراعية، وجعل إخوته القُصَّر الباقين يوقِّعون على توكيل بالبيع رغم أنه لا يوجد وصيٌّ ولا وليٌّ عليهم جميعًا، ثم تجاوز وباع ورهن من أموال أبيه وهم أيضًا قُصَّرٌ. فما حكم الشرع في أفعال الأخ الأكبر وبيعه أموال أبيه وأمه وإخوته الباقين القُصَّر؟ ثم ما حكم البيع للأختين الشقيقتين قبل القسمة؟ علمًا بأنهما لم يعرفا الثمن ولا المبيع وهو مشاع. وما الحكم إذا قام الأخ الأصغر بعد بلوغه سن الرشد بالمطالبة بأمواله وإرجاع الأملاك المباعة؟
ما كيفية إخراج الوصية من التركة؟ فقد ترك رجل وصية قال فيها: "أوصيكم بعد وفاتي إلى أبنائي وبناتي وزوجتي أن يُوزَّع ثلثُ مالي -ما أملك من عقارات ودكاكين ومحلات تجارية وفلوس نقدية- أن يُوزَّع على الفقراء والمجاهدين والصدقات وجميع أفعال الخير والصدقات الجارية".
ولكنَّ ابنًا من أبنائه كان يعمل معه في التجارة، قام بتقدير التركة، ثم جَنَّبَ ثلث إجمالي التركة في عقارات فقط، وكان ذلك بموافقة جميع الورثة، ثم جعل هذه العقارات وقفًا في سبيل الله تعالى يخرج ريعها كصدقة جارية على الفقراء والمجاهدين، ثم قام بإنشاء شركة تجارية بين الورثة بباقي التركة، وذلك لمدة عشر سنوات، والآن بعض الورثة يريد تقسيمها طبقًا لما كانت عليه مما نص عليه الموصي.
فهل ما صدر من هذا الابن صحيح، أم يجب إعادة توزيعها طبقًا لنص الوصية؟
ما حكم الوصية المعلقة على شرط؟ حيث أوصت امرأة أولادها وهي ذاهبة لقضاء فريضة الحج إن أتاها قضاء الله تعالى أن يقوموا بتنفيذ وصيتها إذا تحقق الشرط، ولكنها عادت سالمة إلى أرض الوطن بعد أداء الفريضة، وقد نفذت بعض بنود الوصية وهي على قيد الحياة.
فما حكم هذه الوصية؟ وهل يجب على الورثة تنفيذ باقي بنودها بعد وفاتها؟
ما حكم الوصية بحرمان الولد من الميراث؟ فهناك رجلٌ له بنت، وله ورثة آخرون، قال في حال صحته إنه أخرج بنته من تَرِكته بعد وفاته، وأحضر شهودًا، وكتب كتابةً بذلك لديهم، وإن السبب في إخراج بنته المذكورة أنها خارجة من طاعته في كل أمر من الأمور التي تجب فيها الطاعة على الولد لوالده شرعًا، وأنها لم تسمع قوله، ولم تَنْقَدْ له، وأنها ناشزة منه كل النشوز، وأن سبب إخراجها من تَرِكته هو ما ذكر من عدم إطاعتها، وتنفيذ أوامره لها. وقال في الكتابة التي كتبها لدى الشهود المذكورين: إن بِنته بعد انتقال والدها من دار الغرور إلى دار البقاء لا حق لها فيما يتركه والدها المذكور من كل شيء يوجد مما ذكر، ثم بعد مُضيِّ سنتين من تاريخ الكتابة المذكورة، رضي عن ابنته، وزوَّجها برضاه، وقَبِلَ عقد زواجها بتوكيله في زواجها بمقتضى قسيمة أميرية، ثم بعد مدة توفِّيَ المشهِّد المذكور عن: ابنته المذكورة، وعن ولد، وزوجة، فهل بهذا الإشهاد المسطَّر على الوجه المذكور تحرم بنته المذكورة من استحقاقها في تَرِكة أبيها المشهِّد المذكور، أو لا؟