ما حكم صيام القضاء بدون تعيين سَنَة القضاء لمَنْ عليه عدة سنوات؟ فإنَّ عليَّ قضاء رمضانين، كنتُ قد أفطرت فيهما بسبب المرض، لكن لا أتذكَّر في أي سَنَة قد أفطرتُ، فصُمْتُ بنيةِ القضاء ولم أُعيِّن أنِّي صائم عن رمضان سنةَ كذا، فهل صومي مُجزئٌ عن القضاء، أو عدم تعيين السَّنَةِ في القضاءِ يقدحُ في صحةِ صومي؟
الصوم بمطلق نية القضاء بدون تعيين سَنَة القضاء صحيحٌ ومجزئٌ، ويكفي نية القضاء دون اشتراط تعيين السَّنَة أو اليوم، لأنه كله جنس واحد.
المحتويات
الأصل في قضاء الصيام الواجب قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184].
والأصل أنَّه يشترط في قضاء الواجب أو النذر أو الكفارة الجزم بالنية وتعيينها وتبييتها، بأن ينوي قبل الفجر أنَّه صائم غدًا عن رمضان، أو عن الكفارة، أو قضاءً.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 85، ط. دار الكتب العلمية): [وإن كان الصوم دينًا وهو صوم القضاء، والكفارات، والنذور المطلقة لا يجوز إلا بتعيين النية] اهـ.
وقال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 418، ط. دار الفكر): في كلامه عن النية في الصوم: [وقال في فرض العين: وصفتها: أن تكون مبيتة من الليل.. سواء كان صومًا واجبًا أو تطوعًا أو نذرًا أو كفارةً، وأن تكون مبيتة من الليل، أو مقارنة للفجر، وأن تكون جازمةً من غير تَردُّد، وينوي أداء فرض رمضان، انتهى. قال ابن جزي: أَمَّا الجَزْم فيُتَحرز به من التَّردُّد] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 411، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(ويجب) في الصوم (نية جازمة معينة) كالصلاة، ولخبر: "إنما الأعمال بالنيات"، ومُعيِّنة -بكسر الياء-؛ لأنَّها تُعيِّن الصوم، وبفتحها؛ لأنَّ الناوي يُعينها ويخرجها عن التعلق بمطلق الصوم، وجميع ذلك يجب (قبل الفجر في الفرض) ولو نذرًا أو قضاءً أو كفارةً] اهـ.
وقال العلامة الرُّحَيْبَانى الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (2/ 185، ط. المكتب الإسلامي): [شُرِط لصحته (نية مُعينة لما يصوم) بأن يعتقد أنَّه يصوم من رمضان، أو قضائه، أو نذر، أو كفارة] اهـ.
على هذا يجري الكلام على مسألتنا فيمَن كان عليه قضاء رمضانين كان قد أفطرهما بسبب المرض، وجهل وقت وجوب هذا القضاء عليه، فصام بنية القضاء ولم يُعيِّن أنَّه صائم عن رمضان سنة كذا، فيرى الحنفية في الأصح: أنَّه لا يجزئه عن قضاء رمضان.
قال العلامة الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (6/ 220، ط. الأميرية): [(ولو نوى قضاء رمضان، ولم يُعين اليومَ صحَّ، ولو عن رمضانين).. معناه: لو كان عليه قضاء صوم يومٍ أو أكثر من رمضان واحد فقضاه ناويًا عنه، ولم يُعين أنَّه عن يوم كذا جاز، وكذا لو صام، ونوى عن يومين أو أكثر جاز عن يوم واحد، ولو نوى عن رمضانين أيضًا يجوز.. وهذا قول بعض المشايخ، والأصح: أنَّه يجوز في رمضان واحدٍ، ولا يجوز في رمضانين ما لم يعين أنه صائم عن رمضان سنة كذا على ما تبين] اهـ.
بينما يرى الشافعية أنَّه لا يُشترط تعيين سَنَةِ القضاء؛ لأنَّ صوم القضاء كله جنس واحد، فيصحُّ صومُ من أطلَقَ نيةَ القضاءِ دون تعيين السَّنَة، ويقعُ الصومُ مُجزيًا عنه، وهو قول بعض مشايخ الحنفية، كما في "تبيين الحقائق" للإمام الزيلعي الحنفي (6/ 220).
وقد ذكر العلامة كمال الدِّين ابن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (2/ 312، ط. دار الفكر) أنه المختار، حيث قال: [لو وجب عليه قضاء يومين من رمضانٍ واحدٍ، الأَوْلَى أن ينوي أولَّ يومٍ وجبَ عليهِ قضاؤهُ من هذا الرمضان، وإن لم يَتَعيَّن الأول جاز، وكذا لو كانا من رمضانين على المختار، حتى لو نوى القضاء لا غير: جاز] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 412): [ولو كان عليه قضاء رمضانين فنوى صوم غدٍ عن قضاء رمضان جاز، وإن لم يُعَيِّن أنه عن قضاءِ أيهما؛ لأنه كله جنس واحد] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "الإقناع" (1/ 236، ط. دار الفكر): [ولا يشترط تعيين السَّنة، كَمَا لَا يشْتَرط الْأَدَاء؛ لِأَن الْمَقْصُود مِنْهَا وَاحِد] اهـ.
أما المالكية والحنابلة فيُفهم من كلامهم أن تعيين السَّنَةِ في الصوم ليس بواجب، بل تكفي نية القضاء، فالخطأ في الوقت غير مُعتبر.
قال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 304، ط. دار الفكر): [ولا يلزم تعيين سَنَةِ رمضان كاليوم للصلاة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 113، ط. مكتبة القاهرة): [ولو كان عليه صومٌ مِن سَنَةِ خمْسٍ فنوى أنه يصوم عن سَنَةِ سِتٍّ، أو نوى الصوم عن يومِ الأحدِ وكان غيرَهُ، أو ظنَّ أن غدًا الأحد فنواه وكان الإثنَين: صَّح صومُه؛ لأنَّ نية الصوم لم تَخْتَل إنما أخطأ في الوقت] اهـ.
بناءً عليه: فلا يشترط تعيين السَّنَةِ في نيةِ صوم القضاء، بل تكفي نية صوم الواجب، فإذا عيَّن السَّنَةَ وأخطأ في الوقت لم يضر؛ لأنَّه لا يشترط أن ينوي قضاء سَنَة كذا، أو يوم كذا الفائت، بل يكفيه نية القضاء.
وفي واقعة السؤال: صومكَ بمطلق نية القضاء بدون تعيين سَنَة القضاء صحيحٌ ومجزئٌ، ويكفي نية القضاء دون اشتراط تعيين السَّنَة أو اليوم، لأنه كله جنس واحد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الجمع في الصوم بين نية كفارة اليمين وعاشوراء؟ فهناك رجلٌ عليه صيام كفارةِ يمينٍ، وقد اعتاد صيام يوم عاشوراء ويوم قبله ويوم بعده، أي: أيام التاسِع، والعاشر، والحادي عشر من شهر الله المُحرَّم، فهل يجوز له أن يجمع بين نية صيام الكفارة مع نية صيام عاشوراء في هذه الأيام، فيجزئه ذلك عن الكفارة شرعًا، ويُكتب له أجر صيام عاشوراء كذلك، أم أن عليه أن يخص كل عبادة بنية مستقلة؟
ما حكم عقد نية الصوم قبل دخول الليل؟ فعليَّ قضاء يومٍ من رمضان وقد عَزمتُ على صيامه غدًا، فهل يصح أن أعقد نية الصوم قبل الغروب، أو يشترط لتبييت النية أَنْ تكون واقعة في جزءٍ من ليلة الصوم؟
ما حكم إهداء ثواب الأعمال الصالحة للأحياء والأموات؟ وهل ذلك يجوز شرعًا؟
ما حكم صيام المرأة عند انقطاع حيضها مع عدم التيقن من الطهر قبل الفجر؟ لأن امرأة كان عليها الحيض في رمضان، ثُمَّ في أثناء الشهر انقطع الدَّمُ، ولم تلتفت إليه إلَّا بعد طلوع الفجر، ولم تتيقَّن هل حَصَل النَّقَاءُ من الحيض وانقطاعُ الدَّمِ قبل الفجر أو بعده، فَنَوَتْ صيام هذا اليوم على أنَّه إِنِ انقطع الدَّم قبل الفجر فالصيام صحيحٌ، ولو كان الانقطاعُ بعد الفجر فستقضي هذا اليوم بدلًا عن أيام حيضها، فهل هذا الصوم صحيحٌ؟
ما رأي الدين في وجود ما يسمى بالخيم الرمضانية؟
كيف نفوز بليلة القدر؟ وما الدعاء المأثور فيها؟