ما حكم خروج المتمتع إلى ميقات مكاني كأبيار علي؟ فهناك شخص سافر مع شركة سياحية لأداء الحج، وكان برنامج الرحلة أن يذهب إلى مكة حتى نهاية الحج، ثم يتوجهون إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنوى الحجَّ متمتعًا، وبعد أدائه العمرة وتحلُّله منها، أخبره المشرفون أن برنامج الرحلة قد تغير، وأن موعد زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيكون قبل أداء الحج لظروف طارئة، فذهب للزيارة، وفي أثناء عودته أحرم بالحج من أبيار علي، فهل انقطع تمتعه أو لا؟ وإن لم ينقطع فهل يلزمه الهدي؟ وإذا أحرم منها فهل يمكنه أن يحرم متمتعًا أو قارنًا؟ وهل يلزمه هدي أو لا؟ وهل يصح إحرامه بعمرة ثانية؟ كما يُرجى الإفادة عن حكم ما فعله بعض المرافقين في الرحلة حيث لم يُحرموا من أبيار علي وأحرموا من داخل الحرم، فمنهم من أفرد، ومنهم من تمتع، ومنهم من قرن، وجزاكم الله خيرًا.
حكم خروج المتمتع بعد الانتهاء من مناسك العمرة إلى ميقات مكاني كأبيار علي
لَمَّا كان السائل مصريًّا وقد خرج من مكة إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة، وكان شرط انقطاع التمتع أن يرجع الحاج إلى بلده أو ما هو في مثل مسافته على المختار للفتوى؛ فإنه بذلك يكون باقيًا على تمتعه، وإحرامه من أبيار علي جائز شرعًا ولا حرج فيه، سواء كان إفرادًا أو تمتعًا أو قرانًا، ولا يلزمه إلا هدي واحد هو هدي التمتع، كما لا يلزم من ترك الإحرام من أبيار علي وأحرم من مكة (إفرادًا، أو تمتعًا أو قرانًا) إلا هدي واحد هو هدي التمتع الأول.
التفاصيل ....المحتويات
- معنى الإفراد والقران والتمتع في الحج
- بيان بداية أشهر الحج
- الهدي الواجب على الحاج في حج التمتع وسبب وجوبه
- حكم خروج المتمتع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة إلى غيرها من المواقيت المكانية كأبيار علي
- أحكام خروج المتمتع من الحرم بعد التحلّل من العمرة
- المختار للفتوى في هذه المسألة
- الخلاصة
معنى الإفراد والقران والتمتع في الحج
الإحرام ركن من أركان الحج والعمرة، لا يصِحَّان بدونه، وهو: نِيَّة أحد النُّسُكَيْن -الحجِّ أو العمرة- أو هما معًا، وله أوجه ثلاثة: الإفراد، والقِرَان، والتمتع.
فالإفراد هو: أن يُحرِم الحاج بأعمال الحج فقط، ثم يؤدي العمرة بعد الانتهاء من مناسك الحج إذا أراد، ويُحْرِم بالعمرة حينئذٍ من أدنى الحِلِّ، كالتنعيم مثلًا.
والقِران هو: أن يُحرِم بالعمرة والحج معًا، أو بالعمرة ثم يُدخِل عليها الحج قبل شروعه في أعمالها، ثم يعمل عمل الحج في الصورتين.
والتَّمَتُّعُ: هو أنْ يُحرم بالعمرة في أشهر الحج وَيَفْرُغ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج، وسمي بذلك؛ لتمتعه بالعمرة إلى وقت الحج؛ أي انتفاعه بالتقرُّب بها إلى الله تعالى قبل الانتفاع بتقرُّبه بالحج، أو لتمتع صاحبه بإحلالِ محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ من العمرة وإحرامه بالحج، أو لتمتعه بسقوط العَوْدِ إلى الميقات ليُحرِمَ بالحج.
بيان بداية أشهر الحج
بداية أشهر الحج: شهر شوال المبارك بلا خلاف بين الفقهاء؛ قال الإمام الحَطَّاب في "مواهب الجليل" (3/ 16، ط. دار الفكر): [ولا خلاف أنَّ أوَّل أشهر الحج شوال] اهـ.
الهدي الواجب على الحاج في حج التمتع وسبب وجوبه
اتفق الفقهاء على وجوب الدم في التمتع ما دام مستطيعًا؛ ويسمى "دم التمتع"، وإلا فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [البقرة: 196].
قال الإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 70، ط. دار الآثار): [وأجمعوا على أنَّ مَن أَهَلَّ بعمرةٍ في أشهر الحج مِن أهل الآفاق، وقدِم مكة ففَرَغَ منها، فأقام بِها، فَحَجَّ مِن عامِهِ: أنه متمتِّعٌ، وعليه الْهَديُ إذا وجد، وإلا فالصيام] اهـ.
ودَمُ التمتُّع دَمُ نُسُك وجب شكرًا لما وُفِّق للجمع بين النُّسُكَيْن بسفر واحد، على ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة، ودَمُ جُبرانٍ على ما ذهب إليه المالكية والشافعية.
حكم خروج المتمتع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة إلى غيرها من المواقيت المكانية كأبيار علي
الأصل أنه إذا أدَّى المتمتع العمرة ثم تَحلَّل منها فإنه ينتظر بمكة حتى يوم التروية، ويُحرِم منها كأهل مكة في إحرامهم، قال الإمام المَرْغِينَانِي الحنفي في "الهداية" (1/ 153، ط. دار إحياء التراث العربي): [والشرط أن يُحرِم من الحَرَم، أما المسجد فليس بلازم، وهذا لأنه في معنى المكيِّ؛ وميقات المكيِّ في الحج الحَرَم] اهـ.
وقد اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة على أنه إذا بقي في مكة فأحرم منها بالحج لزمه دم التمتع، إلا أنهم اختلفوا في وجوب الدم عليه واعتبار حجه تمتعًا إذا خرج من مكة إلى غيرها من البلاد:
فذهب الإمام أبو حنيفة إلى اشتراط عدم رجوعه إلى موطنه وإلمامه بأهله -عدم اجتماعه بأهله في موطنه-، فإن فعل بطل تمتعه وسقط عنه الدم؛ لعدم الارتفاق واتصال النُّسُكَيْن في سفر واحد.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 170): [فحكمه أن يمنع التمتع لما روي عن عمر وابن عمر -رضي الله عنهما- أن المتمتع إذا أقام بمكة صح تمتعه، وإن عاد إلى أهله بطل تمتعه، وكذا روي عن جماعة من التابعين مثل: سعيد بن المُسيِّب، وسعيد بن جُبير، وإبراهيم النَّخَعِي، وطاوُس، وعطاء رضي الله عنهم أنهم قالوا كذلك، ومثل هذا لا يعرف رأيًا واجتهادًا، فالظاهر سماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأن التمتع في حق الآفاقي ثبت رخصةً ليجمع بين النُّسُكَيْن، ويصل أحدهما بالآخر في سفر واحد من غير أن يتخلل بينهما ما ينافي النُّسُك، وهو الارتفاق، ولَمَّا أَلَمَّ بأهله فقد حصل له مرافق الوطن، فبطل الاتصال، والله تعالى أعلم] اهـ.
وقال الإمام الميداني الحنفي في "اللباب" (1/ 201، ط. المكتبة العلمية): [(وإذا عاد المتمتع إلى بلده بعد فراغه من العمرة) وحلق (ولم يكن ساق الهدي، بطل تمتعه) لأنه أَلَمَّ بأهله بين النسكين إلمامًا صحيحًا، وبه يبطل التمتع] اهـ.
وذهب المالكية إلى اشتراط عدم العود إلى موطنه أو إلى بلد آخر تكون المسافة بينه وبين مكة مثل ما بين موطنه ومكة؛ فإن فعل سقط عنه دم التمتع؛ لعدم إسقاطه أحد السفرين إلى البيت من بلده أو ما هو في مثل مسافتها.
قال الإمام المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 78): [والهدي إنما وجب على غير المكي إذا اعتمر وحج من عامه ولم ينصرف إلى بلده؛ لإسقاطه أحد السفرين إلى البيت من بلده، فإن رجع إلى غير بلده ثم حج من عامه كان متمتعًا، وعليه ما استيسر من الهدي، إلا أن يكون الأُفُق الذي انصرف إليه في البُعد مثل أُفُقِه ونحوه، وإن كان كذلك فلا شيء عليه] اهـ.
وقال الشيخ الخَرَشِي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 312، ط. دار الفكر): [ويختص المتمتع بشروط أُخَر منها: ألَّا يعود إلى بلده، أو مثله في البُعد بَعد أن يحلَّ من عمرته بمكة، فإن عاد إلى مثل ذلك بَعد أن حلَّ من عمرته بمكة ودخلها مُحرِمًا بحَجٍّ في ذلك العام فإنه لا يلزمه دم التمتع؛ لأنه لم يتمتع بإسقاط أحد السفرين، بخلاف لو رجع لأقل من أُفُقه أي: بلده فيلزمه الدم؛ لأن رجوعه لما ذكر كالعدم، وبخلاف لو أحرم بالحج قبل عوده لبلده، أو مثله، ثم عاد فعليه الدم؛ لأن سفره لم يكن للحج، وحيث رجع إلى مثل أُفُقه أي: بلده في البُعد فلا دم عليه، ولو كان مثل أُفُقه في الحجاز على المشهور] اهـ.
وذهب الشافعية إلى اشتراط عدم العود إلى الميقات الذي أحرم منه بالعمرة أو غيره من المواقيت المكانية المعتبرة، أو إلى مثل مسافة الميقات الذي أحرم منه؛ فإن عاد وأحرم منه سقط عنه دم التمتع؛ لعدم ربحه الميقات.
قال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 289): [(وألَّا يعود لإحرام الحج إلى الميقات) الذي أحرم منه بالعمرة أو ميقات آخر ولو أقرب إلى مكة من ميقات عمرته أو إلى مثل مسافة ميقاتها، فإذا عاد إليه وأحرم منه بالحج لم يلزمه الدم؛ لأن المقتضي لإيجاب الدم وهو ربح الميقات قد زال بعوده إليه، ومثل ذلك ما ذكر لأن المقصود قطع تلك المسافة مُحرِمًا] اهـ.
وذهب الحنابلة إلى اشتراط عدم السفر إلى مسافة تجاوز مسافة القصر، فإن فعل فأحرم بالحج سقط عنه الدم؛ لعدم ترفهه بترك أحد السفرين.
قال الإمام البُهُوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 531، ط. عالم الكتب): [(وألَّا يسافر بينهما) أي: العمرة والحج (مسافة قصر، فإن فعل) أي: سافر بينهما المسافة (فأحرم) بالحج (فلا دم) نصًّا لما روي عن عمر: "إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع، فإن خرج ورجع فليس بمتمتع"، وعن ابن عمر نحوه؛ ولأنه إذا رجع إلى الميقات أو ما دونه لزمه الإحرام منه، فإذا كان بعيدًا فقد أنشأ سفرًا بعيدًا لحجه فلم يترفه بترك أحد السفرين (فلا يلزمه دم...)] اهـ.
أحكام خروج المتمتع من الحرم بعد التحلّل من العمرة
إن المتمتع إذا تحلل من العمرة فإنه يبقى على تمتعه ما لم يرجع إلى موطنه ويُلِمَّ بأهله على ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة، أو إلى بلده أو ما هو في مثل مسافة بلده على ما ذهب إليه المالكية، أو إلى ميقاته الذي أحرم منه أو إلى مثل مسافته أو ميقاتٍ غيره على ما ذهب إليه الشافعية، أو ما لم يتجاوز مسافة القصر على ما ذهب إليه الحنابلة. ويتحصَّل من ذلك: أن خروج الحاج من مكة بعد تحلله من العمرة؛ إما خروجٌ يقطع التمتع على شرط كل مذهب، أو لا يقطعه، أو يقطعه على شرط البعض دون البعض الآخر، وأحكام ذلك على النحو الآتي:
أولًا: خرج إلى مكان يقطع التمتع على شرط كل مذهب:
كأن سافر إلى بلده وحينئذ يجوز له أن يحرم بأحد الأوجه الثلاثة في الإحرام (إفراد، وتمتع، وقِرَان)، ولا دم عليه حال الإفراد؛ إذ لا يلزم في الإفراد دم؛ لعدم فعل شيء يستوجب الجبران فلم يربح ميقاتًا، ولم يجمع بين نُسُكَيْن في سفر واحد. ويلزمه دم واحد حال التمتع والقِرَان، لتحقُّق ربح الميقات والجمع بين النُّسُكَيْن في سفر واحد، كما هو قول المذاهب الفقهيَّة الأربعة كما سبق بيانه.
ثانيًا: خرج إلى ما لا ينقطع به التمتع على شرط كل مذهب:
كأن خرج إلى بلد المسافة بينها وبين مكة أقل من مسافة القصر ودون المواقيت، وحينئذ يلزمه هدي التمتع إن أحرم بالحج فقط، للجمع بين النُّسُكَيْن في سفر واحد، كما هو قول الحنفية والحنابلة، ولربحه الميقات كما هو قول المالكية والشافعية.
وإن أحرم بالحج والعمرة متمتعًا أو قارنًا لزمه هدي واحد هو هدي التمتع، إذا كان موضع إحرامه بهما خارج الحرم، فإن أحرم بهما داخله مع عدم جوازه ابتداء انعقد إحرامه ولزمه هديان عند الحنفية والشافعية والحنابلة: هدي التمتع الأول، وهدي لإحرامه بالعمرة دون ميقاتها -الذي هو أدنى الحل-، بينما يلزمه هدي واحد فقط عند المالكية هو هدي التمتع وهو المختار للفتوى.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 166): [فلو جاوز أحد منهم ميقاته يريد الحج أو العمرة فدخل الحرم من غير إحرام فعليه دم] اهـ.
وقال الشيخ الدردير في "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" (2/ 22، ط. دار الفكر): [لا يجوز الإحرام من الحرم، وانعقد إن وقع، ولا دم عليه] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 229): [(فإن لم يخرج) إلى أدنى الحِلِّ (وأتى بأفعال العمرة) بعد إحرامه بها في الحرم، انعقدت عمرته جزمًا، و (أجزأته) هذه العمرة عن عمرته (في الأظهر)؛ لانعقاد إحرامه وإتيانه بعده بالواجبات، (و) لكن (عليه دم) لتركه الإحرام من الميقات] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (3/ 248، ط. دار الفكر): [وإن أحرم بالعمرة من الحرم، انعقد إحرامه بها، وعليه دم؛ لتركه الإحرام من الميقات] اهـ.
ثالثًا: خرج إلى ما يقطع التمتع على شرط البعض دون البعض الآخر:
كخروجه إلى أبيار علي كما في السؤال، وفي هذه الحالة لم ينقطع تمتعه عند الإمام أبي حنيفة والمالكية؛ لعدم رجوعه إلى موطنه وإلمامه بأهله على ما ذهب إليه الإمام، أو إلى بلده أو ما هو في مثل مسافة بلده على ما ذهب إليه المالكية، وانقطع تمتعه عند الشافعية والحنابلة لخروجه إلى من ميقات مكاني معتبر عند الشافعية، ولتجاوزه مسافة القصر عند الحنابلة، وحينئذ يجوز له على مذهب الإمام أبي حنيفة والمالكية أن يُحرِم من أبيار علي بالأوجه الثلاثة (إفراد، وتمتع، وقِرَان)، كما يجوز له أن يتجاوز أبيار علي دون إحرام ويحرم بعدها، ويلزمه في كل ذلك هديٌ واحد هو هدي التمتع سواء أحرم بالحج فقط أو أحرم بالعمرة ثم الحج أو بهما معًا وكان موضع إحرامه من خارج الحرم، فإن أحرم بالعمرة والحج من داخل الحرم فيلزمه هديان عند الإمام، هدي للتمتع وهدي لإحرامه بالعمرة دون الميقات، ويلزمه هدي واحد عند المالكية كما سبق بيانه.
وعلى قول الشافعية والحنابلة القاضي بانقطاع تمتعه لا يجوز له أن يتجاوز أبيار علي دون إحرام؛ إذ هي ميقاته المكاني حينئذ، فإن أحرم منها فله الأوجه الثلاثة (إفراد، وتمتع، وقِرَان)، ولا يلزمه شيء حال الإفراد، ويلزمه هدي واحد حال التمتع أو القران، وإن تجاوزها دون إحرام وأحرم دونها، انعقد إحرامه ولزمه هدي واحد حال الإفراد؛ لإحرامه بالحج دون الميقات، وهديان حال التمتع والقران؛ هدي التمتع وهدي لإحرامه بالعمرة دون الميقات.
قال العلامة ابن قدامة في "المغني" (3/ 415): [إذا ترك الآفاقي الإحرام من الميقات، أو أحرم من دونه بعمرة، ثم حل منها، وأحرم بالحج من مكة من عامه، فهو متمتع، عليه دمان؛ دم المتعة، ودم لإحرامه من دون ميقاته] اهــ.
المختار للفتوى في هذه المسألة
المختار للفتوى: أن المتمتع يبقى على تمتعه ما لم يرجع إلى بلده أو ما هو في مثل مسافة بلده على ما ذهب إليه المالكية؛ فإن رجع إلى ذلك انقطع تمتعه، وإلا فهو باق ويلزم الهدي.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لَمَّا كان السائل مصريًّا قد خرج من مكة إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة، وكان شرط انقطاع التمتع أن يرجع الحاج إلى بلده أو ما هو في مثل مسافته على المختار للفتوى؛ فإنه بذلك يكون باقيًا على تمتعه، وإحرامه من أبيار علي جائز شرعًا ولا حرج فيه، سواء كان إفرادًا أو تمتعًا أو قرانًا، ولا يلزمه إلا هدي واحد هو هدي التمتع، كما لا يلزم من ترك الإحرام من أبيار علي وأحرم من مكة (إفرادًا، أو تمتعًا أو قرانًا) إلا هدي واحد هو هدي التمتع الأول.
والله سبحانه وتعالى أعلم.