ما حكم تغيير نية النسك بعد دخول مكة؟ فهناك رجلٌ نَوَى العُمرة متمتِّعًا بها إلى الحج، وبعد دخوله مكةَ مَرِضَ، فلم يَتمكن مِن أداء العُمرة حتى دَخَل يومُ التَّرْوِيَة، ولا يُريد أن يُجهِد نَفْسه بالعُمرة في هذا اليوم قبل الوقوف بعرفة، فهل يجوز له شرعًا أن يحوِّل نِيَّة الإحرام مِن التمتُّع إلى القِرَان؟ علمًا بأنه لا يزال مُحرِمًا، ولَم يطُف بالبيت الحرام.
يجوز للرَّجل المذكور بَعْدَ أن نَوَى العُمرة متمتِّعًا بها إلى الحج، ولَم يَتمكن مِن أدائها بسبب المرض حتى دَخَل يومُ التَّرْوِيَة أنْ يحوِّل نيَّةَ الإحرام مِن التمتُّع إلى القِرَان، بشرط أنْ يفعل ذلك قَبْل الطواف بالبيت الحرام.
المحتويات
الحج والعُمرة شَعِيرَتَان مِن شعائر الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ» متفق عليه.
والنية في اللغة: مُطلَق القَصْد؛ كما في "مقاييس اللغة" للعلامة ابن فارس (5/ 366، ط. دار الفكر).
والمراد بها في باب الحج والعمرة شرعًا: الإحرام، وهو نية الدخول في النسك؛ كما في "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (2/ 467، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للعلامة الدَّرْدِير المالكي (2/ 21، ط. دار الفكر، بـ"حاشية الدسوقي")، و"حاشية العلامة الجَمَل الشافعي على شرح المنهج" (2/ 407، ط. دار الفكر)، و"الروض المربع" لأبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (ص: 285، ط. دار المؤيد).
مِن المقرر شرعًا أنَّ الإحرام بالنسك له وجوهٌ ثلاثةٌ: إِفرَادٌ، وتَمَتُّعٌ، وقِرَانٌ؛ فأمَّا الإِفرَادُ: فهو أن يُهلَّ بِالحَجِّ مُفرَدًا مِنَ الِميقَاتِ فِي أَشهُرِ الحَجِّ، والتَّمَتُّعُ: أَن يُهِلَّ بِعُمرَةٍ مُفرَدَةٍ مِنَ المِيقَاتِ فِي أَشهُرِ الحَجِّ، فَإِذَا فَرَغَ مِنهَا أَحرَمَ بِالحَجِّ مِن عَامِهِ، أَمَّا القِرَانُ: فَهُوَ أَن يَجمَعَ بَينَ الحَجِّ وَالعُمرَةِ فَيُحرِمَ بِهِمَا، أَو يُحرِمَ بِالعُمرَةِ، ثُمَّ يُدخِلَ عَلَيهَا الحَجَّ قَبلَ الطَّوَافِ. فَأَيُّ ذَلِكَ أَحرَمَ بِهِ جَازَ؛ كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامة (3/ 122، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة ابن القَطَّان (1/ 253، ط. دار الفاروق الحديثة).
تغيير النيَّة في الحجِّ مِن التمتُّع إلى القِرَان بعد دخول مكة وقبل الاشتغال بالطواف بالبيت الحرام -كما هي مسألتنا- مما أجمَعَ الفقهاءُ على مشروعيَّته، فإن كان قد أدَّى طوافًا بالبيت الحرام فليس له ذلك، ويبقى على إحرامه متمتِّعًا.
قال الإمام ابن المُنْذِر في "الإشراف" (3/ 300، ط. مكتبة مكة الثقافية): [أجمع كلُّ مَن نحفظ عنه مِن أهل العلم على أنَّ لِمن أهَلَّ بِعُمرةٍ في أشهر الحجِّ أن يُدخِلَ عليها الحَجَّ ما لم يَفتَتِح الطَّوافَ بالبيت] اهـ.
وقال في "الإجماع" (ص: 57، ط. دار المسلم): [وأجمَعوا على أنه مَن دَخَل مكةَ بعُمرةٍ في أشهُر الحجِّ أنه يُدخِلُ عليها الحجَّ ما لم يَفتَتِح الطوافَ بالبيت] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامة في "المغني" (3/ 252): [إدخال الحجِّ على العُمرةِ جائزٌ بالإجماع مِن غير خَشية الفَوات، فَمَع خَشية الفَوَات أَوْلَى] اهـ.
وقال الإمام القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 398، ط. دار الكتب المصرية): [أجمَعَ أهلُ العِلم على أنَّ لِمَن أهَلَّ بعُمرةٍ في أشهُر الحجِّ أن يُدخل عليها الحجَّ ما لم يفتتح الطوافَ بالبيت، ويكون قارنًا بذلك، يلزمه ما يلزم القارن الذي أنشأ الحج والعمرة معًا] اهـ.
والأصل في ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها لَمَّا مَنَعَها الحيضُ مِن إتمام عُمرتها: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ»، ففعَلَت ووقَفَت المواقف، حتى إذا طَهُرَت طافَت بالكعبة والصفا والمروة، ثم قال: «قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا» الحديث. أخرجه الشيخان.
قال الحافظ ولي الدين العراقي في "طرح التثريب" (5/ 33، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: «وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ» أي: مُدخِلةً له على العُمرة، وحينئذٍ فتَصِير قارنةً بعد أن كانت مُتَمَتِّعةً، وهو جائزٌ بالإجماع إذا كان قَبْل الطَّواف] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّه لا مانع شرعًا مِن إدخال الحج على العُمرة قَبْل الشُّروع في طوافها، وذلك بتحويل النية من التمتُّع إلى القِرَان، ويكون الحاجُّ بذلك قارنًا، فإن كان قد طاف بالبيت الحرام فليس له ذلك، ويبقى على تَمَتُّعِهِ.
وفي واقعة السؤال: يجوز للرَّجل المذكور بَعْدَ أن نَوَى العُمرة متمتِّعًا بها إلى الحج، ولَم يَتمكن مِن أدائها بسبب المرض حتى دَخَل يومُ التَّرْوِيَة أنْ يحوِّل نيَّةَ الإحرام مِن التمتُّع إلى القِرَان، بشرط أنْ يفعل ذلك قَبْل الطواف بالبيت الحرام.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الحج عن المتوفاة إذا كان مال تركتها لا يكفي؟ حيث سألت سيدةٌ وقالت:
أولًا: كانت والدتي رحمها الله تعتزم الحج، إلا أن الأجل وافاها قبل أن تتمكن من تأدية هذه الفريضة، فهل من الممكن -والحالة هذه- أن أقوم أنا بدلًا منها بإتمام الحج على أن يحتسب للمرحومة؟ علمًا بأن ظروفي العملية تمنعني أنا شخصيًّا من تأدية هذه الفريضة لنفسي.
ثانيًا: إن ما ورثته عن المرحومة أمي لا يكفي كل مصاريف الحج وعليه، فهل يجوز لي أن أكمل هذه المصاريف مما ادخرته لمستقبل ابنتي الطفلة ولمستقبلي كأرملة؟
هل يجوز أداء الحج من المال الناتج من العقود الفاسدة؛ كبيع الخمر وكالربا مع غير المسلمين في غير بلاد المسلمين؟
ما حكم لبس الحذاء الطبي للمحرم المعاق؟ فالسائل معاق، وساقه اليسرى أقصر من اليمنى، ويقوم بتعويض ذلك بحذاء طبي، وقد أكرمه الله سبحانه بالحج هذا العام، فهل يجوز له لبس الحذاء الطبي وهو يؤدي المناسك داخل المسجد الحرام من طواف وسعي؟ وهل عليه فدية في ذلك أم لا؟ وهل رباط الحذاء يعتبر مخيطًا أم لا؟
ما حكم رمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة؟ وما وقته؟ وهل هو يَلزَمُ وقت الزوال فقط؟ وما حكم مَن رمى الجمرات قَبل الزوال؟ وهل بعد منتصف الليل يُعَدُّ بدايةَ يومٍ جديدٍ لرمي الجمرات؟
ما حكم الشرع في تأخير الحاج رميَ الجمار كلها إلى اليوم الأخير الذي يريد أن ينفر فيه؟
ما حكم مَن وقف بعرفة قبل الزوال فقط؟ وهل يجوز للحجاج أن ينفروا من عرفة قبل المغرب؟ وما حكم مَن وقف بها جزءًا من ليلة النحر فقط؟ وهل يجوز شرعًا أن تكون نفرة الحجيج من عرفات على مراحل لتتم النفرة في سهولة ويسر لهذه الأعداد الغفيرة المتزايدة؟ وهل هذا يعتبر تغييرًا لمناسك الحج؟