ما حكم احتساب ربح صاحب رأس مال المضاربة من إجمالي أرباح التجارة؟ فأنا عندي شركة تعمل في مجال تجارة الملابس يُقدر رأس مالها بحوالي مليون ونصف مليون جنيه، واحتجت إلى سيولة مالية للتجارة، فأردت الاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يدفع لي مبلغًا من المال لتشغيله له دون أن يكون له الحق في الإدارة، فدفع لي خمسمائة ألف جنيه، واتفقت على أن يكون الربح الحاصل له (15%) من إجمالي أرباح الشركة، وليس من خصوص أرباح المال الذي دفعه، فهل هذا الشرط جائز شرعًا؟ وهل يجب عليَّ سداد هذا المقدار من الربح فعلًا؟ وإذا لم يجب عليَّ سداد هذا المقدار، فما الواجب عليَّ؟
المعاملة المذكورة في السؤال والتي تمت بين الطرفين معاملةٌ صحيحةٌ من حيث الأصل، ولا يقدح فيها تخصيص أحد الطرفين بالنسبة المذكورة من الربح، والتي توزع على أساس رأس المال كُلِه لا على ما دفعه الطرف الآخر فقط، ما دام ذلك تم بالاتفاق والتراضي بينهما، مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لهذه المعاملات.
المحتويات:
من المقرر شرعًا بعمومات النصوص والأدلة الشرعية والسنن المرعيَّة أن المعاملات الجارية بين الناس يراعى فيها ابتداءً تحقُّقُ شروط العقود عامة، من: أهلية المتعاقدين، وحصول الرضا بينهما، وانتفاء الغرر، وكذلك خلو المعاملة من الشروط الممنوعة شرعًا حفظًا لأموال الناس، فمن مقاصدِ الشرع الشريف المتفق عليها حفْظُ الأموال عن الضياع، كما في "الفروق" للإمام القَرَافي (3/ 249، ط. عالم الكتب).
وأصل ذلك ما ورد في الحديث الشريف الذي أخرجه الإمام التِّرْمِذِي في "سننه" عن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جَده رضي الله عنهم، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا».
المعاملة المسؤول عنها هي من قبيل عقد "المُضاربة" أو "القِراض" -على اختلاف تسميات الفقهاء له-، ووجه ذلك أنَّ صاحب المال قد أعطى غيرهُ ماله ليتَاجر له به مع نسبة ربحٍ متفق عليها بين الطرفين، دون أن يكون لصاحب المال أي مسؤولية في إدارته، وهذه هي حقيقة "المُضاربة" أو "القِراض"، فهي وإن اختلفت تعبيرات الفقهاء في بيانها إلا أن المعنى يدور على أنَّه عقدٌ بين اثنين: أحدُهما يقدِّم مالًا، والآخَر يَستثمره له، على أنْ يكون للعامل جزءٌ شائعٌ من الربح، ويقال لصاحب المال: (ربُّ المال) وللعامل: (مضارِب)، كما في "الدر المختار" للإمام الحَصْكَفِي الحنفي (ص: 545، ط. دار الكتب العلمية)، و"المختصر" للشيخ خليل المالكي (ص: 198، ط. دار الحديث)، و"أسنى المطالب" للشيخ زكريا الأنصاري الشافعي (2/ 380، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"منتهى الإرادات" للإمام ابن النجار الحنبلي (3/ 20، ط. مؤسسة الرسالة).
عقد المُضاربة أو القِراض من العقود المشروعة في الجملةِ بالإجماع، فقد بُعِثَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم والناسُ يتعاملون بالمضاربة فيما بينهم، فأقرَّهم على ذلك وندبهم إليها، وتعامل بها المسلمون مِن بَعْدُ إلى وقتنا هذا من غير نكيرٍ بينهم، وقد نقل الإجماعَ على ذلك جماعةٌ من الأئمة، كالإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 91، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام ابن عبد البَرِّ في "الاستذكار" (7/ 3، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام أبي الوليد ابن رُشْد في "بداية المجتهد" (4/ 21، ط. دار الحديث).
من الأمور الظاهرة في المعاملة المسؤول عنها، خلط مال المضاربة محل الاستثمار بمال المضارِب (عامل المضاربة) في الشركة، وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى جوازه على تفصيل بينهم في بعض شروطه، كما في "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (6/ 98، ط. دار الكتب العلمية)، و"التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق المالكي (7/ 449، ط. دار الكتب العلمية)، و"الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي الشافعي (7/ 320، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة الحنبلي (5/ 36، ط. مكتبة القاهرة)، و"الإنصاف" للإمام المَرْدَاوِي الحنبلي (5/ 438، ط. دار إحياء التراث العربي).
ولا خلاف بين الفقهاء في أنَّ الأصل في المضاربة حال خلط مال المضاربة بغيره أن يكون اقتسام الربح بين الطرفين على مال المضاربة بعينه بحصة شائعة بينهما كالربع أو النصف أو نسبة مئوية على حسب الاتفاق والتراضي بينهما لا بقدر محدد منسوب إلى رأس المال كعشرة أو عشرين.
اختلف الفقهاء فيما إذا كان الاتفاق بين الطرفين أن يكون الربح بينهما على إجمالي مال المضاربة وما خُلط به، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنَّ هذا الاتفاق لا يستقيم شرعًا مع حقيقة عقد المضاربة؛ إذ الأصل أن يكون الربح بين طرفي المضاربة على قدر نسبة المال المضارب به، لا على مجموع المال المختلط، كما في "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (6/ 98)، و"الشرح الصغير" للشيخ الدردير المالكي (3/ 682، ط. دار المعارف)، و"البيان" للإمام العِمْراني الشافعي (7/ 220، ط. دار المنهاج).
وذهب الحنابلة إلى صحة هذه الصورة من المضاربة، باعتبار أنها تجمع بين شركة العنان والمضاربة، فمن حيث إنَّ المال المستثمَر من كلا الطرفين فشركة عنان، ومن حيث إن أحدهما يعمل في مال صاحبه بجزء من الربح فمضاربة، كما في "شرح مختصر الخِرَقي" للإمام الزَّرْكَشِي الحنبلي (4/ 130، ط. دار العبيكان).
قال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (5/ 20، ط. مكتبة القاهرة): [أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، فهذا يجمع شركة ومضاربة، وهو صحيح، فلو كان بين رجلين ثلاثة آلاف درهم، لأحدهما ألف، وللآخر ألفان، فأذن صاحب الألفين لصاحب الألف أن يتصرف فيها على أن يكون الربح بينهما نصفين صح، ويكون لصاحب الألف ثلث الربح بحق ماله، والباقي وهو ثلثا الربح بينهما، لصاحب الألفين ثلاثة أرباعه، وللعامل ربعه، وذلك لأنه جعل له نصف الربح، فجعلناه ستة أسهم، منها ثلاثة للعامل، حصة ماله سهمان، وسهم يستحقه بعمله في مال شريكه، وحصة مال شريكه أربعة أسهم، للعامل سهم وهو الربع] اهـ.
المختار للفتوى في هذه المسألة ما ذهب إليه الحنابلة من صحة المعاملة المذكورة بناءً على الاتفاق والتراضي بين الطرفين، واللذَينِ هما من أهم ضوابط جواز المعاملات الماليَّة وصحتها، خاصَّة وأنَّ المعاملة قد تمت بين طرفيها فعلًا، وقد تقرَّر أنَّ أفعال العوامِّ بعد صدُورِها منهم محمولةٌ على ما صح من مذاهب المُجتهدين ممن يقول بالحِلِّ أو بالصِّحة؛ فإن مراد الشرع الشريف تصحيح أفعال المكلَّفين وعباداتهم وعقودهم ومعاملاتهم ما أمكن ذلك.
قال العلَّامة ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 90، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وإن لم يستفت أحدًا وصادف الصحة على مذهب مجتهدٍ أجزأه ولا إعادة عليه] اهـ.
وهذا هو المعتمد في الفتوى، والذي جرت عليه دار الإفتاء المصرية في عهودها المختلفة، قال العلامة محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة): [متى وافق عمل العامِّيِّ مذهبًا من مذاهب المجتهدين ممن يقول بالحل أو بالطهارة كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه اتفاقًا] اهـ.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ تلقي الأموال من أصحابها للاتجار فيها واستثمارها ينبغي أن يتم وفق الإطار الذي حدده ولي الأمر من خلال التشريعات القانونية التي تحفظ الأموال على أصحابها ولا تجعلها معرضة للضياع أو الجحود.
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فالمعاملة المذكورة في السؤال والتي تمت بين الطرفين معاملةٌ صحيحةٌ من حيث الأصل، ولا يقدح فيها تخصيص أحد الطرفين بالنسبة المذكورة من الربح، والتي توزع على أساس رأس المال كُلِه لا على ما دفعه الطرف الآخر فقط، ما دام ذلك تم بالاتفاق والتراضي بينهما، مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لهذه المعاملات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم العمل في الأحجار الكريمة وزكاتها؟ فنحن المسلمين من منطقة شنجيانغ الواقعة في شمال غرب الصين، نعيش في مدينة صغيرة تعد من أفقر المدن، إلا أن الله سبحانه وتعالى وهبها ثروة طبيعية معدنية وهي الأحجار الكريمة، فلذا من البديهي أن يوجد من يتاجر بها، وبالتالي يصل عدد المزاولين من المسلمين إلى عشرين ألف شخص أو يزيد عن ذلك، هذا ما عدا المنتفعين منها، وعلى هذا نستطيع أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام:
1- الأيدي العاملة: ويقوم هؤلاء بالحفر والتنقيب عن المعادن مقابل أجور لمالكي المعادن.
2- الوسطاء: ويقوم هؤلاء بشراء الأحجار المستخرجة من المعادن ويبيعونها للناقلين.
3- الناقلون: يقوم هؤلاء بشراء الأحجار من الوسطاء وأحيانًا من المعادن مباشرة، وبعدما تصبح لديهم كمية كبيرة من الأحجار يذهبون بها إلى المدن الصينية الأخرى البعيدة ويبيعونها إلى غير المسلمين من النحاتين والنقاشين الذين ينحتون منها بنسبة 70 % أشكالًا مجسمةً مثل: الأصنام والتماثيل والحيوانات، وبنسبة 30% أشكالًا غير مجسمة مثل: الأَسْوِرَة والخواتم.
علمًا بأن الأحجار بحسب أسعارها تنقسم إلى قسمين:
1- الأحجار ذات الأسعار الغالية، وهي تحتل نسبةً ضئيلةً جدًّا لا يصنع منها النحات شيئًا بل يحتفظ بها للتباهي والتفاخر.
2- الأحجار ذات الأسعار الرخيصة، وهي تحتل النسبة الكبيرة منها التي ينحت منها النحَّات الأشكال المجسمة وغير المجسمة كما ذُكر بعاليه.
ونفيدكم بأن أغلبية المزاولين من خيرة الرجال الذين يتفانون في بذل ما عندهم للأمور الخيرية ومساعدة الفقراء، وهم كذلك من المتمسكين بالعقيدة الصحيحة.
ومما تجدر الإشارة إليه بأن عمدة اقتصاد المسلمين في أيدي مزاولي هذه التجارة، وإذا لم يزاولها المسلمون فمن المؤكد جدًّا أن يستولي عليها غير المسلمين، وبالتالي يضعف اقتصاد المسلمين، وفي هذه الحالة فما على المسلمين إلا أن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه الأمور الخيرية.
والسؤال الآن هو: ما حكم هذه التجارة؟ وكيف تؤدى زكاتها؟ وإذا كانت حرامًا فكيف تُصرف الأموال المكتسبة منها؟ أفتونا مأجورين بالتفصيل مع ذكر الأدلة.
هل يعتبر الوسيط ضامنا للمال في حال تهرب الطرف الآخر؛ فقد عرَّفني أحد أصدقائي على صديق له يمارس التجارة في قطع غيار السيارات، وقمنا بتدبير المال اللازم له للاستثمار في هذه التجارة بدلًا من التعامل مع البنوك وشركات توظيف الأموال، وبعد مدة تعرفت عن طريقهما على شخص ثالث أخبرنا أن لديه صفقة تجارية مربحة تحتاج لمبلغ من المال لإتمامها على أن يرد هذا المبلغ مضافًا إليه الأرباح بعد انتهاء الصفقة وذلك خلال شهر من الزمان، وأخبرني صديقي أنه شخص ملتزم ومن وسط محترم، وبناءً على كلامهما أعطيته عشرين ألف دولار، وعند انتهاء الموعد المحدد طالبته بالمبلغ فبدأ يتهرب مني، ثم علمت أن صديقي قد استرد أمواله وأموال أخته من صديقه الثاني ولم يبلغ أحدًا، فطالبت صديقه الثاني بأموالي، وبعد جهد كبير استطعت أن أحصل على أموالي على هيئة قطع غيار سيارات بيعت بالخسارة، ثم أخذت شيكًا على الصديق الثالث، وبعد انتهاء مدة الاستحقاق رفعت قضية عليه وصدر لي حكم، وظل يماطل حتى تم تأييد الحكم عليه، ولم أستطع أن أنفذ الحكم، وبعد فترة من الزمن علمت أنه قد توفي إلى رحمة الله تعالى، كما أن الصديق الثاني هو الآخر باع محلاته وصدرت ضده أحكام من الآخرين، فهل من حقي مطالبة صديقي الأول برد أموالي؟ وهل هو مسؤول عنها؟
سائل يقول: أرغب في فتح اعتماد خاص بالمنشآت والشركات الصغيرة في أحد البنوك الوطنية وفق مبادرة البنك المركزي المصري لتشجيع المشروعات الاستثمارية، وقد اشتمل العقد الذي بيني وبين البنك على منحي تسهيلًا لفتح اعتماد بمبلغٍ محدد ليكون غطاءً لحسابي يُمَكِّنُني من استيراد البضائع في حدود هذا الغطاء المالي، مع احتساب عائد متناقص يصل إلى 5% على إجمالي مبلغ الاعتماد، بالإضافة إلى عمولة تستحق على أعلى رصيد مدين للتسهيل وتُعَلَّى عليَّ كل شهر، وفي حالة تأخري عن سداد أي من الأقساط المستحقة بموجب العقد فإنه يحقّ للبنك اعتبار كامل الرصيد المدين للتسهيل حالًّا وواجب الأداء؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
سائل يقول: أعمل مقاولًا معماريًّا في كل ما يخص البناء والتشطيب، ومن ذلك: بناء المقابر وتجهيزها. فهل يجوز لي العمل في بناء وحفر وترميم مقابر غير المسلمين؟
ما حكم الشركة عند موت أحد الشريكين؟ فوالدي رحمه الله كان شريكًا لأحد أصدقائه في مالٍ للتجارة فيه، ثم توفي والدي، فما الحكم في هذه التجارة؟ علمًا بأن عليه بعض المتأخرات من حصته في الإيجارات التي يتحملها هو وشريكه، كما أن هناك بعض البضائع في المخازن.
ما حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة؟ فهناك رجلٌ يتاجر في السَّجَّادِ، ومنه سَجَّاد الصلاة المكتوب عليه كلمات للإهداء أو بعض الأسماء، مما يشتمل أحيانًا على لفظ الجَلَالَة -كما في بعض الأسماء المركبة مِن نحو عبد الله وغيرها- أو بعض الكلمات القرآنية، ويَبسُطُه المشتري على الأرض للصَّلاةِ عليه، فهل يحرُم عليه شرعًا بيع السَّجَّاد المشتمل على تلك الكلمات؟