ظهر علينا من يدعي حل سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي من الدولة، فهل هذا الكلام يستقيم مع أحكام الشرع الشريف؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.
يحرم شرعًا سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي، لما فيها من مخالفات شرعية؛ ففيها تعدٍّ على المال العام الذي تتكفل الدولة بحفظه وخرق للنظام، ومخالفةٌ لولي الأمر، وخيانة للأمانة وذلك بالاستيلاء على الخدمات دون دفع مقابلها الملزم به، وتغذية للجسم بالحرام، وإضرار بالمصلحة العامة التي أعلى الإسلام شأن الحفاظ عليها، ومخالفة للقوانين التي وضعتها الدولة لحفظ المال العام.
من المقرر شرعًا أن حماية المال والمحافظة عليه هو أحد مقاصد الشرع الشريف التي جاء لحمايتها؛ ولذلك حرم التعدي على أموال الغير واستحلالها دون وجه حقٍّ، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29].
وعن أبي بَكرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» متفق عليه.
وإذا كان الاعتداء على الأموال الخاصة المملوكة للأشخاص حرامًا، فإن الحرمة تَشْتَدُّ إذا كان الاعتداء على الأموال العامَّة المملوكة لعموم المجتمع، إذ خطره أعظم؛ لأنه مالٌ تتعلق به ذمة عموم الناس، ولأنه ليس له مطالب بعينه من جهة العباد كالمال الخاصّ، ولما فيه من تضييع حقوق عامة الناس.
والأموال العامَّةُ يُقصد بها: "كلُّ ما كان مملوكًا للدولة أو للأشخاص الاعتباريَّة العامَّةِ سواءٌ كان عقارًا أو منقولًا أو نحو ذلك، مما يكون مخصَّصًا لمنفعةٍ عامَّةٍ بالفعل أو بمقتضى قانونٍ أو مرسومٍ"، كما أفادته المادة رقم 87 من القانون المدني المصري.
وهذه الأموال تسَمَّى في الشريعة بـ"مال الله"؛ لأنها غير متعيّنة لفردٍ بعينه، وإنما هي حقٌّ عام، يتصرف فيها ولي الأمر بما يحقق المصلحة للمجتمع.
ولهذا كله احتاط الشرع الشريف للمال العام احتياطًا أشدَّ من احتياطه للمال الخاص، حتى إنه جعل الاعتداء عليه غُلولًا -أي: خيانة- يحشر به صاحبه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 161].
قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (4/ 256، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أي: يأتي به حاملًا له على ظهره ورقبته، معذبًا بحمله وثقله، ومرعوبًا بصوته، وموبخًا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد] اهـ.
وعن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ بَعَثْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَغَلَّ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ يَوْمَ القيامة يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ» أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" وأصله عند البخاري ومسلم.
وعن خَوْلَة الأنصارية رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القيامة» أخرجه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 219، ط. دار المعرفة): [أي: يتصرفون في مال المسلمين بالباطل] اهـ.
وسرقة الكهرباء والغاز الطبيعي تعدٍّ على المال العام الذي تتكفل الدولة بحفظه، وخرق للنظام ومخالفةٌ لولي الأمر، وخيانة للأمانة، وتغذية للجسم بالحرام، وإضرار بالمصلحة العامة التي أعلى الإسلام شأن الحفاظ عليها.
ووجه كونها خيانة للأمانة: لأن مخالفة تلك العقود وتضييعها باستيلاء المواطن على الغاز أو الكهرباء دون دفع مقابلها الملزم به بعقد المواطنة وبموجب القانون هو من خيانة العقد المنهي عنها، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيانة الأمانة وإخلاف الوعد من صفات المنافق، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» متفق عليه.
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي حرام شرعًا، ففيها تعدٍّ على المال العام الذي تتكفل الدولة بحفظه، وخرق للنظام ومخالفةٌ لولي الأمر، وخيانة للأمانة، وتغذية للجسم بالحرام، وإضرار بالمصلحة العامة التي أعلى الإسلام شأن الحفاظ عليها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يسأل عن حكم الاستماع إلى الأغاني والموسيقى، وهل هو مباح مطلقًا؟
سائل يسأل عن هيئة الدعاء على القبر بعد الدفن، وهل يكون سرًّا أو جهرًا؟ وإذا لم تكن المقابر بها تصدعات ولا شقوق وليس فيها ما يمنع من استعمالها، فهل يجوز هدمها وتجديدها؟
ما حكم الاستيلاء على أموال غير المسلمين؟ حيث إنني أعيش في بلاد يكثر فيها غير المسلمين، وأسمع كثيرًا من المسلمين المقيمين في هذه البلاد يقولون: إن الاستيلاء على الأموال التي يتملكها غير المسلمين بالطرق المختلفة مباح أخذها؛ بحجة أنهم ليسوا على ديننا ومن كان كذلك فيجوز استحلال أموالهم، فما مدى صحة ذلك، وهل يجوز لي أخذها؟
ما حكم الشرع في سماع الأغاني والموسيقى؟
سائل يقول: يحدث أثناء المحاضرة أن يقوم بعض الطلبة بترك المحاضرة للصلاة بعد الأذان مباشرة، ولما نبهت إلى أنه يمكن تأجيل الصلاة إلى ما بعد المحاضرة، فقام بعض الطلاب بكتابة رد يتضمن بعض المناقشات.
والسؤال: هل لا بد أن تؤدى الصلاة بعد وقت الأذان مباشرة؟ وهل واجب الإدارة أن تقوم بتوفير أوقات الصلاة وعدم شغلها بالمحاضرات؟ وهل أترك المحاضرة وقت الصلاة؟
وما الرأي في الآيات والأحاديث والحُجج التي أوردَها بعض الطلاب والتي ظاهرها يؤيد هذا الرأي وهي: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]؟
وحديث: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
وحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ»
وأنه لو أبيح تأخير الصلاة عن وقتها ولو قليلًا لكان الأمر أولى أثناء الحروب، وهو ما لم يحدث فكانت صلاة الخوف.
ما حكم تغسيل المحارم بعضهم البعض في حال الوفاة عند عدم توفر رجل لتغسيل الرجال أو امرأة لتغسيل النساء؟