حكم بيع المال المشاع من دون إذن باقي الشركاء

تاريخ الفتوى: 03 ديسمبر 2024 م
رقم الفتوى: 8498
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: البيع
حكم بيع المال المشاع من دون إذن باقي الشركاء

ما حكم بيع المال المشاع من دون إذن باقي الشركاء؟ فقد اشترى مجموعةٌ من الأفراد ماكينة رَيٍّ على المشاع لِسَقْيِ المحاصيل الزراعية، وبعد فترة بَاعَها أحدُ الشركاء بدون إذن الآخَرين، فما حكم هذا البيع شرعًا؟

المِلكية على الشيوع لا تجعل لأيِّ واحدٍ من الشركاء حقًّا في أن يتصرف في نصيب غيره مِن المالِكِين بدون إذن منه أو ولاية له عليه، وإنما يَثبُت لكلِّ شريكٍ حقُّ الاستعمال والتصرف في حدود نصيبه فقط، وبيعُ أحد الشركاء نصيبَ شريكه دون إذنه يعدُّ بيعًا فضوليًّا موقوف النفاذ على إجازة شركائه الآخرين في هذا النصيب، ولذلك فإن ما قام به الشريك المذكور من تصرُّفٍ فرديٍّ ببيع ماكينة الرَّي الزراعية المشتركة بينه وبين باقي شركائه على المشاع موقوفٌ فيما زاد على نصيبه من تلك الماكينة على موافقة باقي الشركاء، أو أن يُبطِلوا ذلك البيع ويستردوا أنصبتهم فيها.

المحتويات

بيان المراد بالملكية الشائعة في القانون المصري

تعرف الملكية الشائعة بأنها: ملكية اثنين أو أكثر لشيءٍ بغير فرزٍ وتجنيبٍ لحصَّةِ كلٍّ منهم في هذا الشيء. ينظر: المادة (825) من التقنين المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م.

فالمالك في الشيوع يملك حصة تقدر بنسبةٍ مِن المال، ولكن هذه النسبة لا يقابلها جزءٌ محدد من الشيء محل العقد، حيث يشترك هو وباقي المُلَّاك -كلٌّ بقدر حصته- في كلِّ ذَرَّة من ذَرَّات الشيء المملوك لهم شُيُوعًا، ولا يختص أيٌّ منهم بقدرٍ محددٍ من الشيء، كما في "موسوعة الفقه والقضاء" للمستشار/ عَزْمِي البَكْرِي (11/ 456، ط. دار محمود).

بيان نوع الشركة محل السؤال وأحكامها في الفقه الإسلامي

الاشتراك القائم بين الشركاء في محل السؤال يُعَدُّ مِن قبيل الشركة التي تُعرَف عند الفقهاء بـ"شركة المِلك" أو "شركة الأملاك"، وهي: أن يمتلك اثنان أو أكثرُ عَيْنًا، وهذه الشركة إمَّا أن تثبت بفعل الشريكَيْن أو الشركاء (اختيارًا)، وذلك عن طريق الشراء -كما هو الحال في مسألتنا- أو الهبة، أو الوصية، أو التصدُّق، أو نحو ذلك، وإمَّا أن تثبت بغير فعلهم (اضطرارًا أو جبرًا)، كأن يئول إليهم المِلكُ بالميراث، أو يختلط شيءٌ مِن أموالهم بحيث لا تتميَّز أو يعسُر التمييز بينها، ويترتب على ذلك صحةُ الشركة بين الشركاء في العَيْن المشتَرَكَة بينهم. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي (6/ 56، ط. دار الكتب العلمية)، و"الفواكه الدواني" للإمام شهاب الدين النَّفْرَاوِي المالكي (2/ 119، ط. دار الفكر) و"اللباب في الفقه الشافعي" للإمام المَحَامِلي الشافعي (ص: 256، ط. دار البخاري)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (3/ 496، ط. دار الكتب العلمية).

ومن أحكام شركة المِلك المقررة أن كلَّ واحد من الشركاء له حق التصرف في نصيبه فقط؛ حيث إنه مِلكُه، وأما نصيب أيِّ شريك آخر فليس له حق في التصرف فيه بشيءٍ من التصرفات التعاقدية كنحو البيع والإجارة وغيرهما إلا بإذن شريكه؛ لأن التصرفَ فرعُ المِلك أو الولاية، ولا مِلك ولا ولاية لأيِّ أحد من الشركاء في نصيب أيِّ شريك آخَر بمجرد الشركة.

قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 65): [فأمَّا شركة الأملاك: فحكمها في النوعين جميعًا واحد، وهو أن كلَّ واحد من الشريكين كأنه أجنبي في نصيب صاحبه، لا يجوز له التصرف فيه بغير إذنه؛ لأن المُطلِق للتصرف المِلكُ أو الولايةُ] اهـ.

وقال الإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي في "الذخيرة" (8/ 66، ط. دار الغرب الإسلامي): [إذَا كانَا شَريكين في حيوانٍ مثلًا بميراثٍ أو غيرهِ: لا يجوزُ له أن يَتصرَّفَ فيهِ إلَّا بإذنِ شريكهِ] اهـ.

وقال الإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 224، ط. دار الكتب العلمية): [المالُ المشتَرَكُ لا يجوزُ لأحدِ الشريكَينِ التصرُّفُ فيهِ، إلا بإذنِ صاحبهِ] اهـ.

وقال الإمام أبو الخَطَّاب الكَلْوَذَانِي الحنبلي في "الهداية" (ص: 282، ط. مؤسسة غراس): [كلُّ واحدٍ منهما في نصيب شريكه كالأجنبي لا يجوز له التصرُّف فيه إلا بإذنه] اهـ.

حكم تصرف أحد الشركاء في ملك غيره بلا إذن ولا ولاية

إذا تصرَّف أحد الشركاء في مِلك شريكه بدون إذن منه أو ولاية بأيِّ نوع من أنواع التصرف كالبيع -عُدَّ تصرفًا فضوليًّا في مِلك الغير بلا إذن شرعي.

قال العلامة علي حيدر أفندي في "درر الحكام" (3/ 29، ط. دار الجيل): [لَو بَاعَ أحدُ صاحبَي الدَّار المشتركةِ حِصَّتهُ وحصَّةَ شريكهِ بدون إذنِه لآخرَ، فيكون البيعُ المذكورُ فُضولًا في حصَّةِ الشَّريكِ. "البهجة". وللشَّرِيك المذكورِ إن شاء فَسْخُ البيعِ في حصَّتهِ، وإن شاء أَجَازَ البيعَ إذا وُجدَت شَرائِطُ الإِجَازةِ] اهـ.

والمقرر إفتاءً وقضاءً أن تصرفات الفضولي تقع صحيحةً موقوفةً على إجازة المالك أو وكيله، فإن لم يُجزها ورَدَّها بَطَل تصرُّفُ الفُضُولي، كما هو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والإمام أحمد في روايةٍ، خلافًا للشافعية والحنابلة في المذهب، حيث يَرَوْن عدمَ صحة تصرُّف الفُضُولي وبطلانَه. ينظر: "مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي (2/ 351)، و"الإنصاف" للإمام علاء الدين المَرْدَاوِي (4/ 283، ط. دار إحياء التراث العربي).

قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 147): [بيعُ الفضولي عندنا منعقدٌ موقوفٌ على إجازة المالك، فإن أجاز نَفَذ، وإن رَدَّ بَطَل] اهـ.

وقال الإمام شهاب الدين ابنُ عسكر البغدادي المالكي في "إرشاد السالك إلى أشرف المسالك" (ص: 80، ط. الحلبي): [يصح بيعُ مميِّزٍ موقوفًا على إجازة وَلِيِّه، وبيعُ الفضولي وابتياعُه موقوفًا على إجازة المالك] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 283): [(إن بَاع مِلكَ غيره بغير إذنه، أو اشترى بعينِ ماله شيئًا بغير إذنه لم يصح) وهو المذهب.. وعنه: يصح، ويقفُ على إجازة المالك. اختاره في "الفائق"] اهـ.

والقول بأن بيع الشريك لحصة شريكه دون إذنه يُعد بيعًا موقوفًا على إجازة الشريك الآخَر هو ما قضت به محكمة النقض المصرية، فجاء في (الطعن رقم 1595 لسنة 71ق جلسة: 4/ 4/ 2012م)، ما نصُّه: [إن مؤدى نص المادتين: 825، و826/ 2 من القانون المدني.. أن كلَّ شريك على الشيوع يَملِكُ حصتَه مِلكًا تامًّا، وله أن ينتفع بها، وأن يستولي على ثمارها، وأن يستعملها، بشرط ألَّا يُلحِق ضررًا بحقوق سائر الشركاء، فالمِلكية في الشيوع كالمِلكية المُفرَزة تشتمل على عناصرها الثلاثة: الاستعمال، والاستغلال، والتصرف، وتصرُّفُ الشريك في مقدارٍ شائِعٍ يزيد على حصته لا يَنفُذ في حق الشركاء الآخَرين فيما يتعلق بالقدر الزائد على حصة الشريك المتصرِّف، ويحق لهم أن يرفعوا دعوى بتثبيتِ مِلكيتهم وعدمِ نفاذ البيع فيما زاد على حصة الشريك البائع دون انتظار نتيجة القسمة، إلا أنه إذا أَقَرَّ الشركاءُ الباقون البيعَ فيما زاد عن حصة الشريك البائع سَرَى العقدُ في حقِّهم وانقَلَب صحيحًا، فإذا لم يُقِرُّوه كان التصرُّفُ غيرَ نافذٍ في حقِّهم] اهـ.

كما أن القاعدة الثابتة والمقررة في التقنين المدني في حكم بيع مِلك الغير بدون إذنٍ من المالك أو ولاية من المتصرَّف عليه -أنه: "لا يسري هذا البيعُ في حق المالك ولو أجاز المشتري العقدَ، فإذا ما أَقَرَّ المالكُ البيعَ سَرَى العقدُ في حقِّه، وانقَلَب صحيحًا في حقِّ المشتري"، كما في المادتين رقم: 466 و467 من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948م.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالمِلكية على الشيوع لا تُخَوِّل لأيِّ واحدٍ من الشركاء أن يتصرف في نصيب غيره مِن المالِكِين بدون إذن منه أو ولاية له عليه، وإنما يَثبُت لكلِّ شريكٍ حقُّ الاستعمال والتصرف في حدود نصيبه فقط، وبيعُ أحد الشركاء نصيبَ شريكه دون إذنه يعدُّ بيعًا فضوليًّا موقوف النفاذ على إجازة شركائه الآخرين في هذا النصيب، ومِن ثمَّ فإن ما قام به الشريك المذكور من تصرُّفٍ فرديٍّ ببيع ماكينة الرَّي الزراعية المشتركة بينه وبين باقي شركائه على المشاع موقوفٌ فيما زاد على نصيبه من تلك الماكينة على موافقة باقي الشركاء، أو أن يُبطِلوا ذلك البيع ويستردوا أنصبتهم فيها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التعاقد على شراء المحاصيل من الفلاحين قبل الحصاد؟ فهناك رجلٌ يعمل تاجرًا للحبوب (من نحو القمح والأرز وغيرهما)، ويتعامل معه الفلاحون على محاصيلهم قبل الحصاد بشهرين أو ثلاثة، بحيث يتفق معهم على شراء كمية محددة من المحاصيل ويعطيهم المال في مقابل تسلم الكميات المتعاقد عليها بعد ذلك، ويسأل: ما حكم هذه المعاملة شرعًا؟


ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ حيث توجد بعض الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت تكون بين مجموعة من اللاعبين، يأخذ كل متسابق في بداية اللعبة عددًا من العملات الخاصة باللعبة (coins)، فإذا خسر قَلَّ عدد هذه العملات، وإذا تقدم في اللعبة زاد عددها، كما أنَّ اللاعب عند وصوله إلى مستوى معين يكون قد جمع الكثير من هذه العملات ولا يكون في حاجة إليها، فيبيعها لغيره بأموال حقيقية، عن طريق تحويلها إلى حساب الشخص الآخر في اللعبة، أو يبيع حساب اللعبة (account) بالكامل، بأن يعطي اسم الحساب والرقم السري للمشتري؛ فما حكم ذلك شرعًا؟


سائل يقول: أعمل في مجال شراء الفواكه، وأقوم بعمل عقد لشراء محصول الموز، وذلك وفق إحدى الصيغتين الآتيتين: الصيغة الأولى: يتفق فيها الطرفان البائع والمشتري على بيع محصول الموز عندما يحين وقت نضجه وحصاده بعد فترة زمنية لا تقل عن أربعة شهور بالشروط الآتية المتفق عليها: يدفع المشتري حين توقيع العقد مبلغًا قدره 30000 جنيهًا لكلِّ فدان كتأمين.

يحق للمشتري دون غيره الاستحواذ على المحصول وشراؤه، والذي يتصف بالسلامة والخلو من العيوب المتعارف عليها؛ مثل: الطفرات أو المتأثرة بالصقيع أو الجراد وما شابه.

يمنح المشتري خصم قدره: جنيه واحد عن كل كيلو من الثمار عند حصاده وبعد وزنه وذلك من سعر الموز المتداول والمتعارف عليه يوم تقطيع السبايط.

تراضى الطرفان عن هذه الشروط وعلى المخالف شرط جزائي قدره 50000 جنيهًا.
  وهذه الصيغة من العقود هي الشائعة والمتداولة حاليًّا بين تجار الموز.

الصيغة الثانية: يتفق فيها الطرفان (أ) البائع والطرف (ب) المشتري على بيع محصول الموز من الطرف (أ) إلى الطرف (ب) والذي يبدأ حصاده بعد مرور أربع شهور، وذلك على الشروط الواردة والمتفق عليها، وهي:

يدفع المشتري (ب) للبائع (أ) مبلغًا قدره 30000 جنيهًا عن كلِّ فدان موز؛ بصيغة مقدم مالي، وتأمين نقدي لغرض الشراء.

يلتزم المشتري (ب) بعدة مهام هي: تقطيع وجمع سبايط الموز وتحمل مصاريف ذلك، وحمل سبايط الموز من الأرض للسيارة وتحمل مصاريف ذلك. وتولي مهمة تسويق وبيع المحصول لنفسه أو للغير. ويحق للبائع (أ) مشاركة المشتري (ب) في مهمة تسويق المحصول وبيعه وتحديد سعر البيع وصفة المشتري؛ لغرض تحقيق أحسن الأسعار، وجودة الأداء والتنفيذ. ويحق للمشتري (ب) ما هو قدره 1 جنيه عن كل كيلو موز يتم وزنه بعد حصاده لجميع المحصول، وذلك مقابل ما تم من عون ومهام من الطرف المشتري للطرف البائع. وعلى المخالف لأي من شروط العقد شرط جزائي قدره 50000 جنيهًا.

فما حكم هذا العقد؟ وهل يوجد هناك فرق مؤثر في الحكم بين الصيغتين؟


ما حكم من اشترى عقارا من الجهات المختصة ويريد التنازل عنه لغيره مقابل مال؟ فهناك رجلٌ تقدَّم للحصول على وحدة سكنية بأحد مشروعات الإسكان الاجتماعي، وبعد تخصيص وِحدة سكنية بِاسْمِهِ يُريد التنازلَ عن حقِّ التخصيص لشخصٍ آخَر مقابِلَ مال، فما حكم ذلك شرعًا؟


تقول السائلة: أقوم برعاية خالة والدتي؛ حيث لا يوجد لها عائل، وليس لها عائد تنفق منه، وقد باعت لي منزلًا كانت تملكه نظير رعايتي لها وإنفاقي عليها، وتم تسجيل هذا البيع بالمحكمة المختصة، وقد أشار عليها بعض الأشخاص بالرجوع في هذا البيع؛ فهل يجوز الرجوع في هذه الهبة التي هي في صورة بيع؟


يقول السائل: هناك تطبيقٌ إلكتروني تابعٌ لإحدى المنصات يقوم بالبيع بالتقسيط اعتمادًا على المتجر الخاص بالتطبيق، فيقوم العميل من خلال التطبيق باختيار السلعة وطريقة التقسيط من حيث المدة والثمن، وبمجرد الضغط على خيارٍ معينٍ في التطبيق يكون الشخص قد اشترى ما اختاره؛ وفقًا لأنظمة التقسيط المتاحة والرصيد المتاح للعميل، وهذا كله يتم بعد التعاقد بين العميل والشركة مالكة المنصة الإلكترونية، والذي تشترط الشركة فيه بعض الشروط لمعرفة المقدرة المالية لكل عميلٍ، والذي على أساسه يتم إتاحة الرصيد الخاص به.
والسؤال: ما حكم الشرع في التعامل بهذا التطبيق الإلكتروني؟
 


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 يوليو 2025 م
الفجر
4 :35
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 49
العشاء
9 :16