ما حكم صلاة الجنازة على الجثث المفقود بعض أجزائها في الكوارث والنوازل؟ فقد حدث إعصارٌ في إحدى البلاد الإسلامية، وعلى إثره مات الكثير، وقد أسرعَت الجهاتُ المعنية في انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض، فبعض الجثث انتُشِلَت كاملةً، وبعض الجثث عُثِر على أجزاء منها ولم يُعثَر على باقيها، فهل يُغَسَّل ما عُثر عليه من أجزاء الجثث التي لم يُعثَر على باقيها، ويُصلَّى عليه؟
مواراة أجساد موتى المسلمين الذين وافَتْهُم المَنِيَّة في إعصار ونحوه بعد تغسيلهم والصلاة عليهم واجبةٌ شرعًا بالإجماع، لما تقرَّر أنَّ حُرمةَ الإنسان ميِّتًا كحرمته حيًّا، فإن لم يُعثَر إلا على بعضِ الأجزاء من الأجساد، فيُفعَل بتلك الأجزاء مثل ما يُفعَل بالجسد الكامل، بأن تُغَسَّل ويُصلَّى عليها، قَلَّت هذه الأجزاء أو كَثُرَت، ما دام قد ثَبَتَ بيقينٍ موتُ صاحبها، لما رُوي أنَّ طائرًا ألقَى يدًا بمكة من واقعة الجمل، فعُرِفَت بالخاتَم، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أَسِيد رضي الله عنه، فصَلَّى عليها أهل مكة، وكان ذلك بمحضرٍ من الصحابة رضي الله عنهم.
ويُنوَى حينئذٍ بالصلاة عليها الصلاةُ على جُملةِ جسد المتوفى.
المحتويات
كرَّمت الشريعةُ الإسلاميةُ الإنسانَ في كلِّ أحواله، فقال الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].
ومن مظاهر هذا التكريم ما تقرَّر في الشرع الشريف من وجوب تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه؛ تكريمًا له، وسترًا لجسده، وصيانةً لحرمته، فقد اتَّفَق الفقهاءُ "عَلَى أنَّ مُوَارَاةَ المُسلِم فَرضٌ"، كما قال الإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 34، ط. دار الكتب العلمية).
ومن المقرَّر شرعًا أنَّ حُرمةَ الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا؛ لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» أخرجه الإمام أبو داود في "السنن". فأفاد "أنَّ حُرمةَ المؤمن بعد موته باقيةٌ كما كانت في حياته"، كما قال الحافظ ابن حَجَرٍ العَسْقَلَانِي في "فتح الباري" (9/ 113، ط. دار المعرفة).
إذا هَلَك عددٌ كبيرٌ من سكان المناطق التي تتعرض للكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير، َوجَبَ شرعًا على الجهات المعنية أن تبذل وُسعَها لانتشال تلك الجثث مِن تحت الأنقاض، كما يجب وجوبًا كفائيًّا على أهل الإسلام -إذا قام به بعضُ الناس سقط الإثم عن باقيهم، ولا يَسَعُهُم تركُه، وإلَّا أثِموا جميعًا- تغسيلُ ما انتُشِلَ كاملًا من الجثث التي عُثِر عليها، وتكفينُها، والصلاة عليها، قبل دفنها، ما أمكنهم ذلك، وغَلَب على الظن أنهم من المسلمين. ينظر: "روضة الطالبين" للإمام النَّوَوِي (2/ 98، ط. المكتب الإسلامي)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة (2/ 400-402، ط. مكتبة القاهرة).
من فُقِدت منه بعض أجزائه مِن الجثامين المنتَشَلة -كما هي مسألتنا- فالمختار للفتوى أنه يُغَسَّل ويُصَلَّى عليه قبل أن يدفن، ولو كان عضوًا واحدًا، ما دام أنَّ موت صاحب هذه الأجزاء البشرية متحققٌ بلا أدنى شكٍّ؛ حيث إنَّ الجسد وأعضاء الجسد في الحرمة سواء، ولأن قليل الأجزاء بعضٌ مِن جُملة الجسد الذي تجب الصلاة عليه شرعًا، فيأخذ الأقلُّ حكم الأكثرِ، بأن يُغَسَّل ويُصلَّى عليه، ويُنْوَى بذلك الصلاة على الجسد كلِّه، سواء ما وُجد منه أو ما فُقد؛ وذلك لِمَا ورد عن بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أنهم صلَّوا على أعضاءٍ من جسدٍ ميتٍ وجدوها بعد موت أصحابها، ومنها:
ما أخرجه الإمام ابن أبي شيبة في "المصنف" أنَّ أبا أيوبٍ الأنصاري رضي الله عنه صَلَّى على رِجْلٍ، وصَلَّى عمر رضي الله عنه على عِظَامٍ بالشام، وصَلَّى أبو عبيدة رضي الله عنه على رُؤوسٍ بالشام. كما رُوي أن طائرًا ألقَى يدًا بمكة من واقعة الجمل، فعُرِفَت بالخاتَم، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أَسِيد، فصَلَّى عليها أهل مكة، وكان ذلك بمحضرٍ من الصحابة. يُنظر: "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حَجَرٍ العَسْقَلَانِي (2/ 329، ط. دار الكتب العلمية).
بل حكى الإمام موفَّق الدِّين ابن قُدَامَة إجماع الصحابة على تغسيل ما وُجِدَ مِن أجزاء الميت والصلاة عليه، كما في "المغني" (2/ 401).
وللتحقُّق مِن وفاة صاحب ما وُجِد من الأعضاء أمَارَاتٌ، منها: أن يكون ما عثروا عليه عضوًا حيويًّا لا تستقيم حياةُ الإنسان بدونه، أو كان الموجودُ أكثر مِن المفقود، أو به أمَارَةٌ تدل على إنسانٍ عُلِمَ أنه قد مات كما عَلِم أهل مكَّة في الأثر المذكور مِن الخاتَم أن اليد لعبد الرحمن بن عتَّابٍ، ومنها أيضًا: أن يُعثر عليها في موقعِ حادثة مفجعةٍ كالانفجار والإعصار كما هي مسألتنا، إلى غير ذلك مِن الأمَارَات.
والقول بالصلاة على ما وُجِدَ من أجزاء الميت هو ما ذهب إليه أكثر الفقهاء مِن الشافعية، والحنابلة في المذهب، والأئمة: ابن حبيب، وابن مسلمة، وابن الماجشون من المالكية، حيث نَصُّوا على أنَّ الميت إذا فُقِدَ بعض أجزائه فإن ما وُجِدَ منه -ولو كان عضوًا واحدًا- يُغَسَّل ويُكفَّن ويُصَلَّى عليه، لا فرق في ذلك بين قليل الجسد وكثيره، إلا أنَّ الحنابلة استثنوا من ذلِك الشَّعْرَ، والسِّنَّ، والظُّفر، فلا يُفعل بها ذلك؛ لانعدام الحياة فيها.
قال الإمام ابن ناجي التَّنُوخِي المالكي في "شرح متن الرسالة" (1/ 268، ط. دار الكتب العلمية) في ذكر الصلاة على ما وجد من أعضاء الميت كاليد والرجل إن فُقد باقي الجسد: [قيل: يُصلَّى على ما وُجِد منه وإن قَلَّ، قاله ابن حبيب، وابن أبي مسلمة، وابن الماجشون] اهـ.
وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (5/ 253-254، ط. دار الفكر): [واتفقت نصوصُ الشافعيِّ رحمه الله والأصحابِ على أنه إذا وُجد بعضُ مَن تَيَقَّنَّا موتَه غُسِّل وصُلِّي عليه... وعندنا: لا فرق بين القليل والكثير... قال أصحابنا رحمهم الله: ومتى صَلَّى على عضو الميت نوى الصلاة على جُملة الميت لا على العضو وحده] اهـ.
وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 146، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن وُجد بعض ميتٍ تحقيقًا) أي: يقينًا أنه من ميتٍ (غير شعرٍ وظفرٍ وسنٍّ، غُسِّل وكُفِّن، وصُلِّي عليه، ودفن وجوبًا)... واستثنى الشعرَ والظفرَ والسِّنَّ؛ لأنه لا حياة فيها] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ مواراة أجساد موتى المسلمين الذين وافَتْهُم المَنِيَّة في إعصارٍ بعد تغسيلهم والصلاة عليهم واجبةٌ شرعًا بالإجماع، فإن لم يُعثَر إلا على بعضِ الأجزاء من الأجساد، فيُفعَل بتلك الأجزاء مثل ما يُفعَل بالجسد الكامل، بأن تُغَسَّل ويُصلَّى عليها، قَلَّت هذه الأجزاء أو كَثُرَت، ما دام قد ثَبَتَ بيقينٍ موتُ صاحبها، ويُنوَى حينئذٍ بالصلاة عليها الصلاةُ على جُملةِ جسد المتوفى.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم لمس الممرضة للمريض ولمس الممرض والطبيب للمريضة؛ فممرضة تعطي رجلًا حقنة في العضل وهو متوضئ، وممرّض يعطي حقنة في العضل لامرأة متوضئة، وطبيب يكشف على امرأة ويلمس جسدها بيديه أثناء الكشف وهو متوضئ. ويطلب السائل الإفادة عما إذا كان ينتقض وضوء هؤلاء بهذا اللمس، أم لا.
البريد الوارد من/ رئيس جامعة القاهرة، والمتضمن: نرجو من سيادتكم التكرم بإبداء الرأي الشرعي فيما تعتزم جامعة القاهرة القيام به كما يلي:
أولًا: من حيث إنه قد انتشرت في مباني الجامعة في السنوات الأخيرة اتخاذ بعض الأماكن كمصلى؛ وهي أماكن محدودة المساحة حيث لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار، ولا تتوافر لها الشروط الشرعية من حيث توافر أماكن للوضوء وقضاء الحاجة، فضلًا عن استخدامها من بعض الطلاب المنتمين إلى الجماعات المتطرفة لبث أفكارهم بين الطلاب والعاملين حين يذهبون إلى الصلاة فيها، وقد عزمت الجامعة على بناء مسجد جامع في وسط الحرم الجامعي للبنين وآخر للبنات مع مرافقهما على أحدث طراز بما يسهل على الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس أداء الفريضة، وسيندب له إمام ومقيم شعائر ومؤذن من وزارة الأوقاف؛ وذلك ضبطًا للخطاب الديني الذي يقدم فيه، وستقوم الجامعة بإغلاق كل هذه الأماكن غير المؤهلة بحسب خواصها وما أهِّلَت له لتكون مسجدًا.
ثانيًا: أقامت الجامعة بالمدينة الجامعية مسجدًا كبيرًا يسع أكثر من ألفي مصلٍّ، ورغم ذلك انتشرت في مباني المدينة الجامعية مصليات تقام فيها صلاة الجماعة ولا يذهب الطلاب للصلاة في المسجد؛ فهل يجوز للجامعة إغلاق هذه المصليات وحمل الطلاب على الصلاة في المسجد الجامع بالمدينة الجامعية، والذي لا يبتعد عن المباني السكنية غير عشرات الأمتار؛ وذلك تعظيمًا لفكرة الصلاة الجامعة في المسجد، وحضًّا على المشي للمسجد وعمارته، وإغلاقًا لبابٍ تستخدم فيه هذه المصليات المتناثرة في نشر الأفكار المتطرفة بين الطلاب بالمدينة الجامعية.
ما حكم صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة إذا توافرت شروط الجمعة في المكان الذي لا تتعدد فيه الجمع، وذلك طبقًا للمذهب الشافعي؟ حيث إننا في الشيشان نتبع المذهب الشافعي ولا توجد مذاهب أخرى.
ما حكم تكرار الاستعاذة في كل ركعة من ركعات الصلاة؟
ما مشروعية تخصيص جزء من المسجد أو إنشاء دور علوي ليكون مصلًّى خاصًّا بالنساء وحدهن؟ هل هو بدعة؟
ما حكم مسح الوجه باليدين عقب الدعاء في الصلاة؟