حكم العمل في شركات التأمين التجاري

تاريخ الفتوى: 05 أكتوبر 2025 م
رقم الفتوى: 8785
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: التأمين
حكم العمل في شركات التأمين التجاري

ما حكم العمل في شركات التأمين التجاري؟ فقد تقدم لخطبة ابنتي شاب يعمل في إحدى شركات التأمين، وأخبرنا بعض الأصدقاء أنه سمع أن العمل في شركات التأمين حرام، فهل هذا صحيح؟

العمل في شركات التأمين جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، والمال المتحصَّل من هذا العمل من جملة الكسب الحلال الذي لا شبهة فيه؛ لأنّ التأمين عقد قائمٌ على فكرة التكافل والتضامن والتعاون في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، فهو في حقيقته تكاتف وتعاون على البر والإيثار المأمور بهما في الإسلام، حيث يتبرع المُؤَمَّن له بالقسط المدفوع، في مقابل تبرع المؤمِّن بقيمة التأمين.

المحتويات

 

حث الإسلام على العمل والسعي والكسب

حثَّ الإسلام على العمل والسعي والكسب، ودل على ذلك كثير من النصوص الشرعية، منها: قول الله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 105]، وقول الله تعالى: ﴿فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: 10].

ومعنى "ابتغوا": اطلبوا الرزق واجتهدوا في اكتسابه، قال الإمام أبو الليث السَّمَرقَندِي في "بحر العلوم" (3/ 363، ط. دار الكتب العلمية): [فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله يعني: اطلبوا الرزق مِن الله تعالى بالتجارة والكسب] اهـ.

وجاء عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «طَلَبُ الحَلَالِ جِهَادٌ» أخرجه الإمامان: الشهاب القُضَاعِي في "مسنده"، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال".

التكييف الفقهي للعمل في الشركات

إذا عمل الإنسان موظفًا في شركة من الشركات فإن العلاقة بينه وبين هذه الشركة هي علاقة إجارةٍ معلوم فيها ما يكلف به الموظف مِن المهام والاحتباس لصالح أدائها، وما يتقاضاه على ذلك مِن أجر؛ إذ الإجارة تعرف بأنها: "عقدٌ على منفعةٍ مقصودةٍ معلومةٍ قابلة للبَذل والإباحة بعِوَضٍ مَعلوم"، كما في "مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشِّربِينِي (3/ 438، ط. دار الكتب العلمية).

والأصل في عقد الإجارة وغيره من العقود التي أقرتها الشريعة الإسلامية هو تحقق المنافع والمصالح ودرء المفاسد والأضرار.

قال الإمام القرافي في "شرح تنقيح الفصول" (ص: 427، ط. شركة الطباعة الفنية المتحدة): [الشرائع مبنية على المصالح] اهـ.

وقال سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام في "الفوائد في اختصار المقاصد" (ص: 53، ط. دار الفكر المعاصر): [من مارس الشريعة وفهم مقاصد الكتاب والسنة علم أن جميع ما أمر به لجلب مصلحة أو مصالح أو لدرء مفسدة أو مفاسد أو للأمرين وأن جميع ما نهي عنه إنما نهي عنه لدفع مفسدة أو مفاسد أو جلب مصلحة أو مصالح أو للأمرين] اهـ.

حكم العمل في شركات التأمين

أصل العمل -من حيث العموم- في شركة من الشركات جائز شرعًا؛ لأنه من باب الإجارة.

وأما بخصوص العمل في شركات التأمين فهو متوقف على معرفة حكم التأمين، ومعرفة حكمه متوقفة على معرفة ماهيته.

فعقد التأمين بصفة عامة: "عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له، أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغًا من المال، أو إيرادًا مرتبًا أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث، أو تحقق الخطر المبين بالعقد وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن"، كما جاء في القانون المدني المصري الصادر بالقانون رقم: "131"، لسنة: (1948) المادة رقم: "747".

والذي عليه الفتوى أن التأمين بكافة أنواعه جائز شرعًا؛ لأنه عقد قائمٌ على فكرة التكافل والتضامن والتعاون في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، فهو في حقيقته تكاتف وتعاون على البر والإيثار المأمور بهما في الإسلام، حيث يتبرع المُؤَمَّن له بالقسط المدفوع، في مقابل تبرع المؤمِّن بقيمة التأمين، وليس بعقدِ معاوَضة، ويدل على جوازه عموم قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1] فإن لفظ العقود عام يشمل كل العقود الجائزة ومنها التأمين وغيره.

قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (20/ 337، ط. دار إحياء التراث العربي): [واعلم أن كل عقد تقدم لأجل توثيق الأمر وتوكيده فهو عهد، فقوله: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ) [الإسراء: 34] نظير لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، فدخل في قوله: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ كل عقد من العقود كعقد البيع والشركة، وعقد اليمين والنذر، وعقد الصلح، وعقد النكاح. وحاصل القول فيه: أن مقتضى هذه الآية أن كل عقد وعهد جرى بين إنسانين فإنه يجب عليهما الوفاء بمقتضى ذلك العقد والعهد] اهـ.

وأيضًا قول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» متفق عليه مِن حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، إلى غير ذلك مِن النصوص الواردة في هذا الباب، و"فائدة التعاون: تيسير العمل، وتوفير المصالح، وإظهار الاتحاد والتَّنَاصُر حتى يُصبح ذلك خُلُقًا للأُمَّة"، كما قال شيخ الإسلام الطاهر بن عَاشُور في "التحرير والتنوير" (6/ 88، ط. الدار التونسية).

وما روي عن عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ الضَّمْرِيِّ رضي الله عنه قال: شهدت خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بِمنًى وكان فيما خطب: «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ» رواه أحمد، فقد جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طريق حِلِّ المال أن تسمح به نفس باذله من خلال التراضي، والتأمين يتراضى فيه الطرفان على أخذ مال بطريق مخصوص، فيكون حلالًا.

كما أن الأصل في العقود والمعاملات الإباحةُ، ما لم يأتِ دليلٌ شرعيٌّ على التحريم، كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي (23/ 92، ط. دار المعرفة)، و"حاشية الإمام الدُّسُوقِي المالكي على الشرح الكبير" (2/ 217، ط. دار الفكر)، و"كفاية النبيه" للإمام ابن الرِّفْعَة الشافعي (9/ 311، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح منتهى الإرادات" للإمام أَبِي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 56، ط. عالم الكتب).

ولا يفسده الغرر؛ لأنه عقد تبرع، وعقود التبرعات يُتهاوَن فيها عن الغرر قليله وكثيره، بخلاف عقود المعاوضات فلا يقبل فيها إلا الغرر اليسير، كما في "الفروق" للإمام شهاب الدين القَرَافِي (1/ 151، ط. دار إحياء الكتب)، و"القواعد" للإمام الحافظ ابن رَجَب (ص: 233، ط. دار الكتب العلمية، القاعدة الخامسة بعد المائة).

ولـمَّا كان التأمين من باب التكافل والتعاون بين الناس على البر والتقوى، كان العمل في هذه الشركات جائزًا شرعًا وكان الراتب الشهري والكسب من هذا العمل حلالًا.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي السؤال: فالعمل في شركات التأمين جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، والمال المتحصَّل من هذا العمل من جملة الكسب الحلال الذي لا شبهة فيه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم السرقات والتعديات على مياه الصرف الصحي؟ حيث تدير الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي والشركات التابعة لها على امتداد الجمهورية مرافق مياه الشرب والصرف الصحي (محطات وشبكات) وهي مال عام مملوك بالكامل للدولة.
تتعرض تلك المرافق وبالتالي المال العام لأنواع مختلفة من الأضرار بممارسات؛ منها:
• عمل توصيلات مياه شرب وصرف صحي غير قانونية (خلسة) بدون معرفة الشركة، تتسبب في الإضرار بالشبكات والاستفادة بخدمات مياه الشرب والصرف الصحي دون دفع تكاليفها (سرقة الخدمة)؛ مما يعود على الشركات التي تدير المال العام بخسائر فادحة.
• استهلاك مياه الشرب التي تم دعم سعرها من جانب الدولة في غير الأغراض المخصصة لها (غسيل السيارات، ري المزروعات، رش الشوارع) مما يتسبب في حرمان المواطنين الآخرين من نصيبهم من هذه المياه، بالإضافة إلى خسارة الاستثمارات التي تم ضخها لتنقية المياه بغرض الشرب وليس للأغراض الأخرى.
• الإضرار بالعدادات التي تقيس استهلاك المواطنين بهدف تخفيض قيمة الاستهلاك.
وفي إطار حملات التوعية التي تقوم بها شركات مياه الشرب والصرف الصحي للمواطنين للتوقف عن هذه الممارسات، ونظرًا للحس الديني العميق الذي يتميز به الشعب المصري، والمكانة السامية التي تتبوأها دار الإفتاء المصرية الموقرة في قلوب المواطنين، لذا: يرجى التكرم من فضيلتكم بالتوجيه بما يلزم نحو إبداء الحكم الشرعي في الممارسات السابق ذكرها ليتسنى لنا دعم جهود توعية المواطنين بالفتوى الشرعية من جانب فضيلتكم؛ تطبيقًا للمبدأ الفقهي "لا ضرر ولا ضرار".


سائل يقول: اشترك رجلٌ في المظلة التأمينية، وتضمن طلب اشتراكه إقراره بتوزيع مبلغ الوثيقة على زوجته وابنه بالتساوي بينهما، وبعد هذا الإقرار تُوفّي الابن حال حياة الوالد، ثم توفي الرجل بعده وانحصر إرثه الشرعي وفقًا لإعلام الوراثة في زوجته وأخيه. فكيف يُوزّع مبلغ الوثيقة الخاصة بالرجل المذكور على الورثة؟


نرجو منكم بيان حكم الاحتكار؟ وهل يجوز شرعًا لولي الأمر (الجهات المختصة) معاقبة الشخص المُحْتَكِر؟


ما رأي فضيلتكم في ظاهرة المستريح؟ لأنه قد انتشر في الآونة الأخيرة بشكل واسع نماذج جديدة ممن يطلق عليهم لقب "المستريح"، وبخاصة في أرياف مصر وصعيدها، بغرض المتاجرة؛ فمثلًا هناك شخصٌ يقوم بشراء المواشي بأغلى من سعرها في السوق؛ بل إنه ربما يشتريها بضعف ثمنها، غير أنه لا يسلم للبائع كامل الثمن وإنما يعطيه مجرد عربون لمدة 20 يومًا، ثم يبيع هذه المواشي بأقل من سعرها في السوق، ويرد عليه الثمن.

وهو يمارس هذا الأمر مع عدد كبير من الناس، حتى بدأ الناس في إعطائه أموالهم ليتاجر لهم بها، فما حكم هذه المعاملات؟ وما حكم من يعطيه ماله بغرض التجارة؟


ما حكم تعطيل مصالح الناس، حيث أننا إحدى شركات القطاعات العامة التي تُقَدِّم خدمات للجمهور، ولاحظنا أنَّ بعض الموظفين لدينا لا يقومون بالأعمال المنوطة بهم إلَّا بعد حصولهم على أموالٍ مِن الجمهورِ الذين يُقدِّمون لهم الخدمة، مما يضطر بعض الناس إلى إعطائهم هذه المبالغ للحصول على الخدمات الخاصة بهم وعدم تعطيل أمورهم. ونريد أن نسأل عن حكم مِثْل هذه الأموال التي يأخذها الموظفون؟


ما حكم إنشاء دار مناسبات يقام فيها المآتم والأفراح؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :46
الشروق
6 :15
الظهر
11 : 39
العصر
2:40
المغرب
5 : 2
العشاء
6 :22