الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يناير 2017 م

ذكر ما وقع في السنة الثانية والثالثة من التحدث بما أنعم الله به من النبوة والدّعوة إلى الدين الحق سرّا

ذكر ما وقع في السنة الثانية والثالثة من التحدث بما أنعم الله به من النبوة والدّعوة إلى الدين الحق سرّا

بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستجيب لأمر الله بدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام، ولكنه كان في بداية الأمر يستر أمر النبوة ويدعو إلى الإسلام في السر؛ حذرًا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبةً لشركها، ووثنيتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلا من كانت تشده إليه قرابةٌ أو معرفةٌ سابقة.

ولقد استمر الأمر هكذا لمدة ثلاث سنين، وكان أبو بكر رضي الله عنه، أيضًا يدعو مَن يثق به من قومه.

وروي عن عروة بن الزبير، وغيره من أهل العلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من حين أنزل عليه: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبكَ﴾ [العلق: 1] إلى أن كُلِّف بالدعوة، وإظهارها، وأُنزِل قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ [الحجر: 94] وقوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214] ثلاثَ سنين لا يُظهر الدعوة في تلك المدة إلا للمختصين، ثم أعلن وصدع بما يأمر الله تعالى به نحو عشر سنين بمكة.

وكان في أوائل من دخل الإسلام من هؤلاء -كما جاء في المقالة السابقة: السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وسيدنا سيدنا علي بن أبى طالب، وسيدنا زيد بن حارثة مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومتبناه، وسيدنا أبو بكر بن أبي قحافة، وسيدنا عثمان بن عفان، وسيدنا الزبير بن العوام، وسيدنا عبد الرحمن بن عوف، وسيدنا سعد بن أبي وقاصٍ وغيرهم، رضي الله عنهم جميعًا.

فكان هؤلاء يلتقون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم سِرًّا، وكان أحدهم إذا أراد ممارسة عبادةٍ من العبادات ذهب إلى شِعاب مكة يستخفي فيها عن أنظار قريش.

ثم لما زاد الذين دخلوا في الإسلام على الثلاثين-ما بين رجل وامرأة- اختار لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دار أحدهم، وهو الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه، ليلتقي بهم فيها؛ لحاجات الإرشاد والتعليم، وكانت حصيلة الدعوة في هذه الفترة ما يقارب أربعين رجلًا وامرأة دخلوا في الإسلام، عامتُهم من الفقراء والأرِقاء وممن لا شأن له بين قريش.

ولا ريب أن تكتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته إلى الإسلام، خلال هذه السنوات الأولى، لم يكن بسبب الخوف على نفسه، فهو حينما كُلِّف بالدعوة، ونزل عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ۝ قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ [المدثر: 1-2] علم أنه رسول الله إلى الناس، وهو لذلك كان يوقن بأنَّ الإله الذي ابتعثه، وكلَّفه بهذه الدعوة، قادرٌ على أن يحميه ويعصمه من الناس، على أن الله عز وجل لو أمره من أول يوم أن يصدع بالدعوة بين الناس علنًا، لما توانى عن ذلك لحظة، ولو كان يتراءى له في ذلك مصرعه صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن هنا ندرك، أن أسلوب دعوته عليه الصلاة والسلام، في هذه الفترة، كان من قبيل السياسة الشرعية لكونه إمامًا، وليس من أعماله التبليغية عن الله تعالى لكونه نبيًّا.

المراجع:

- "تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس"، لحسين بن محمد بن الحسن الديار بَكْري.

- "فقه السيرة" للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

أولًا: حلف الفضول أو حلف المطيبين وقصة هذا الحلف أن رجلًا من قبيلة زبيد وقف يستغيث بأهل مكة؛ لأنه كانت بينه وبين رجل من قريش اسمه العاص بن وائل السهمي معاملة تجارية وكان العاص ذا منعة وقوة، فأخذ العاص البضاعة من الزبيدي ورفض أن يُعطيه ثمنها فوقف الرجل على جبل أبي قبيس وأخذ يصرخ


وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ الْقُرَشِيُّ الْأَسَدِيُّ، أَدْرَكَ ابْتِدَاءَ الْوَحْيِ، وَاسْتَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ وَرَقَةُ: "هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يا ليتني فيها جذعًا! ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك ... وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا". ثُمَّ ما لبث أن تُوُفِّيَ وَرَقَةُ قَبْلَ اشْتِهَارِ النُّبُوَّةِ.


لِخُلُقِ الحياء عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آفاق ومعاني لا تَخْلَق عن كثرة المواقف التي تكشف عن مدى عمق هذا الخلق في كيان سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، فمما قاله واصفوه فيما رواه الثقات من الرواة بالسند إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال يصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ في خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ" متفق عليه.


هو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. كان جدُّه عبد المطلب بن هاشم سيدَ قريش، وأوسم الناس وأجملهم وأعظمهم، وكان يطعم الناس، وحَفَرَ بئرَ زمزم، وتولَّى سقاية ورفادة الحجاج، وله الموقف المشهور مع أبرهة حين أتى يهدم الكعبة، فطلب منه أن يرد عليه مائتي بعير كان قد أخذها منه في حملته للهدم، فتعجب أبرهة من طلبه، وقال له: "أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمني فيه!" قال له عبد المطلب: "إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربًّا سيمنعه".


لما أراد الله سبحانه إظهار دينه وإعزاز نبيِّه، وإنجاز وعده له خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في موسم الحَجِّ، فعرض نفسَه على قبائل العرب؛ كما كان يصنع في كلِّ موسمٍ، فبينما هو عند العقبة ساق اللهُ نفرًا من الخزرَجِ أراد الله بهم خيرًا، فكانوا طلائع هذا النور الذي أبى اللهُ إلا أن يكون من المدينة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20