يرغب أحد الأشخاص [طرف ثان] في الحصول على آلات وأجهزة ما؛ لاحتياجه إليها في مشروع أقدم عليه، لكنه لا يمتلك ثمنها، ولديه صديق [طرف أول] يتعامل بنظام الإجارة المنتهية بالتمليك، فطلب الطرف الثاني من الطرف الأول أن يوفر له تلك الآلات والأجهزة، ثم حررا عقد إجارة اشتمل على الآتي:
1- يدفع الطرف الثاني ثمن الآلات والأجهزة على مدى عشر سنوات في صورة أجرة شهرية تزيد قيمتها عن أجرة المثل، زيادة متعارف عليها بسعر السوق والعرف بين التجار؛ نظرًا لتملك الطرف الثاني لها بعد مرور السنوات العشر دون دفع أي زيادة.
2- ضمان الآلات والأجهزة طوال السنوات العشر من مسئولية الطرف الثاني.
3- لا يحق للطرف الثاني التصرف في الآلات والأجهزة بالبيع أو الهبة أو أي تصرف فيه نقل للملكية طوال السنوات العشر.
4- العقد ملزم للطرفين، ليس لأحدهما فسخه أو الرجوع فيه إلا بالاتفاق والتراضي مع الطرف الآخر.
والسؤال: هل هذه الصورة التعاقدية جائزة شرعًا أو لا؟
المعاملة المسئول عنها من قبيل البيع بالتقسيط لا الإجارة، فـ"العبرة بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني"، وهي جائزةٌ شرعًا ولا حرج فيها، واشتراط عدم تصرف الطرف الثاني في الآلات والأجهزة بأي تصرف ناقل للملكية حتى انتهاء السنوات العشر وسداد كامل الثمن للطرف الأول من قبيل رهن المبيع للبائع حتى استيفاء جميع ثمنه، وهو جائزٌ شرعًا وقانونًا.
المحتويات
من المُقَرر شرعًا أن الأحكام الفقهية المتعلقة بالمعاملات المالية وغيرها قد شُرعت لتحقيق منافع الخلق وتلبية احتياجاتهم من خلال تلك المعاملات، وذلك في إطار من الأوامر والنواهي الشرعية التي تعمل على تحقيق العدالة في تحصيل كل طرفٍ لمنفعته بتعامله مع الطرف الآخر، ومنع ما يؤدي إلى الشقاق والخلاف والنزاع بين الطرفين؛ فإن قطع المنازعات ضرورةٌ؛ إذ هي مادة الفساد؛ كما في "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني الحنفي (5/ 143، ط. دار الكتب العلمية)، و"الفروق" للإمام القرافي المالكي (3/ 290، ط. عالم الكتب).
المعاملة المسئول عنها تُكيَّف من حيث طبيعة العلاقات التعاقدية بين أطرافها على أنَّها من قبيل البيع بالتقسيط؛ وذلك لأن الطرف الأول يدفع الآلات والأجهزة التي يمتلكها إلى الطرف الثاني الذي يرغب فيها ويحتاج إليها، مقابل دفع ثمنها على دفعات لمدة السنوات العشر، تحت ما أسمياه أجرة تزيد عن أجرة المثل، مع انتقال ضمان الآلات والأجهزة إلى الطرف الثاني، وهذا يتوافق مع عقد البيع لا الإجارة؛ إذ الأجرة المتفق عليها ليست أجرة المثل، وإنما روعي فيها -حسب ظاهر المعاملة- ثمن الآلات والأجهزة فزِيدَ فيها، ولو أنَّ المعاملة إجارةٌ ابتداءً وانتهاءً ما زِيدَ في الأجرة ولبقيت عند أجرة المثل.
كما أنَّ انتقال ضمان الآلات والأجهزة إلى الطرف الثاني يقوي اندراجها تحت البيع لا الإجارة؛ إذ السلعة في البيع تنتقل ملكيتها بتمام البيع إلى المشتري، وعليه تبِعتُها، ولا يضمنها البائع ما لم يكن بها عيب سابق على الشراء ولم يكن المشتري على علم به، أمَّا العين المؤجرة ففي ضمان المؤجر لا المستأجر، إلا إذا قصَّر وفرَّط المستأجر في حفظها فيضمنها حينئذٍ؛ لتقصيره وتفريطه لا لأنها من ضمانه ابتداء، وذلك بلا خلاف بين الفقهاء، قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (5/ 396، ط. مكتبة القاهرة): [والعين المستأجرة أمانة في يد المستأجر، إن تلفت بغير تفريط لم يضمنها. ولا نعلم في هذا خلافًا؛ وذلك لأنه قبض العين لاستيفاء منفعة يستحقها منها، فكانت أمانة] اهـ.
ولا يقدح في تكييف المعاملة أنها بيع بالتقسيط -ما جاء في السؤال من تعبير طرفيها بالإجارة؛ وذلك لأنَّ "العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني". ينظر: "درر الحكام في شرح مجلة الأحكام" للأستاذ علي حيدر أفندي (1/ 21، ط. دار الجيل).
ومعنى القاعدة: هو الاعتداد بالمقاصد التي عيَّنتها القرائن التي توجد في عقد أو معاملة فتُكْسِبُه أو تُكسِبها حكم عقد آخر أو معاملة غير العقود أو المعاملات التي وُضعت لها هذه الألفاظ أصلًا إذا قصد العاقدان هذا المعنى، قال الإمام السَّرَخْسِي الحنفي: [الألفاظ قوالب المعنى؛ فلا يجوز إلغاء اللفظ وإن وجب اعتبار المعنى إلَّا إذا تَعذَّر الجمع] اهـ. ينظر: "المبسوط" للإمام السَّرَخْسِي (12/ 79، ط. دار الفكر).
وقال الإمام الشاطبي المالكي في "الموافقات" (3/ 7، ط. دار ابن عفان): [الأعمال بالنيات، والمقاصد معتبرة في التصرفات من العبادات والعادات، والأدلة على هذا المعنى لا تنحصر] اهـ.
ومن المقرر شرعًا حلُّ البيع الذي يحوز فيه المشتري المبيعَ المُعَيَّنَ ويؤجل أداءَ كُلِّ ثمنه أو بعضه على أقساط معلومة لأَجَلٍ معلوم؛ وهذا ثابت بالكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: 275]؛ والعموم في الآية الكريمة يدل على إباحة البيوع في الجملة والتفصيل ما لم يُخَصَّ بدليل.
قال الإمام الشافعي في كتاب "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اهـ.
ومن السنة حديث عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعامًا مِن يهوديٍّ إلى أَجَلٍ، ورهنه درعًا مِن حَديد" رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" واللفظ للبخاري.
وأخرج الشيخان في "صحيحيهما" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ بَرِيرَةَ رضي الله عنها كاتبت أهلها على تسع أواقٍ؛ في كل عام أوقية، فأقرَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصل هذا البيع.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (5/ 192-194، ط. دار المعرفة): [وفي حديث بريرة هذا من الفوائد... وفيه جوازُ الشراء بالنسيئة... وجواز الكتابة على قدر قيمة العبد وأقل منها وأكثر لأن بين الثمن الْمُنَجَّزِ وَالْمُؤَجَّلِ فرقًا، ومع ذلك فقد بذلت عائشة المؤجل ناجزًا فدلَّ على أن قيمتها كانت بالتأجيل أكثر مما كوتبت به وكان أهلها باعوها بذلك... وجوازُ شراء السلعة للراغب في شرائها بأكثر من ثمن مثلها؛ لأن عائشة بذلت ما قُرِّرَ نسيئةً على جهة النقد مع اختلاف القيمة بين النقد والنسيئة] اهـ.
وأما بخصوص اشتراط تقييد الطرف الثاني من عدم التصرف في الآلات والأجهزة بالبيع أو الهبة ونحو ذلك من التصرفات الناقلة للملكية حتى انتهاء السنوات العشر وسداد كامل الثمن، مع تسلمه إياها حقيقةً بمجرد إبرام العقد، فإن هذا الأمر يأتي على معنى رهن المبيع حتى استيفاء ثمنه، فقد نصَّ المالكية والحنابلة في الصحيح على أنه إذا كان البيع بثمن مؤجل إلى أجل معلوم -كالآلات والأجهزة في مسألتنا- فإنه يجوز للبائع أن يشترط على المشتري ألَّا يتصرف في المبيع ببيع أو هبة أو نحوهما حتى يستوفي منه كامل الثمن، وأنَّ ذلك يكون بمنزلة رهن المبيع ولا حرج فيه.
قال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (5/ 80، ط. دار الفكر): [ولا بأس بالبيع بثمن إلى أجل على ألَّا يتصرف ببيع ولا هبة ولا عتق حتى يعطي الثمن؛ لأنه بمنزلة الرهن إذا كان إعطاء الثمن لأجل مُسمًّى] اهـ.
وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (11/ 251، ط. هجر): [يصح شرط رهن المبيع على ثمنه على الصحيح من المذهب؛ نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، فيقول: بعتُك على أن ترهنه بثمنه... وإن قال: إذا رهنتنيه على ثمنه وهو كذا فقد بعتُك، فقال: اشتريتُ ورهنتُها عندك على الثمن: صح الشراء والرهن] اهـ.
وهذا ما أخذ به القانون المدني المصري الصادر برقم 131 لسنة 1948م في المادة رقم (430) في الفقرة الأولى منها؛ حيث جاء فيها: [إذا كان البيع مؤجل الثمن جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفًا على استيفاء الثمن كلِّه ولو تم تسليم المبيع] اهـ.
وجاء في الفقرة الثالثة من المادة ذاتها: [وإذا وُفِّيَت الأقساط جميعًا فإن انتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مُسْتَنَدًا إلى وقت البيع] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالمعاملة المسئول عنها من قبيل البيع بالتقسيط لا الإجارة، فـ"العبرة بالمقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني"، وهي جائزةٌ شرعًا ولا حرج فيها، واشتراط عدم تصرف الطرف الثاني في الآلات والأجهزة بأي تصرف ناقل للملكية حتى انتهاء السنوات العشر وسداد كامل الثمن للطرف الأول من قبيل رهن المبيع للبائع حتى استيفاء جميع ثمنه، وهو جائزٌ شرعًا وقانونًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: بعتُ ثمار مزرعتي المثمرة مِن فاكهة المانجو، وذلك بمبلغٍ مِن المال لمدة عامين، وبعد أن اتفقنا على ذلك، أفادني أحد الناس أنَّ هذا العقد حرام؛ بحُجة أنني بعتُ ثمار العام الثاني، علمًا بأن المشتري متكفل بجميع المصاريف طول هذه المدة، فما حكم هذا البيع؟
ما مدى حق المشتري في رد السلعة المعيبة إذا كان العيب قديما ولا يعلم به البائع؟ فهناك رجلٌ يعمل في مجال بيع السيارات المستعملة، واشترى سيارة مستعملة، ثم باعها، وبعد مُدَّة قصيرة جاء المشتري مُخْبِرًا أنه وَجَد في السيارة عيبًا قديمًا يُنْقِص مِن ثمنها الذي اشتراها به، ويريد أن يَرُدَّ هذه السيارة فور علمه بالعيب، علمًا بأنَّ هذا الرجل (البائع) لم يكن على علمٍ بهذا العيب عند البيع، والسؤال: هل يجوز للمشتري أن يردَّ هذه السيارة؟
ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ حيث توجد بعض الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت تكون بين مجموعة من اللاعبين، يأخذ كل متسابق في بداية اللعبة عددًا من العملات الخاصة باللعبة (coins)، فإذا خسر قَلَّ عدد هذه العملات، وإذا تقدم في اللعبة زاد عددها، كما أنَّ اللاعب عند وصوله إلى مستوى معين يكون قد جمع الكثير من هذه العملات ولا يكون في حاجة إليها، فيبيعها لغيره بأموال حقيقية، عن طريق تحويلها إلى حساب الشخص الآخر في اللعبة، أو يبيع حساب اللعبة (account) بالكامل، بأن يعطي اسم الحساب والرقم السري للمشتري؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
رجل يعمل مهندسًا في مجال المقاولات وتشطيب المنازل لدى عملاء كثيرين، ومن صور تعامله أنه أحيانًا يتفق مع صاحب المنزل على أن يتم حساب المصنعية بنظام (الكوست بلس)، وذلك بتحديد قيمة المصنعية بناءً على نسبة معينة من تكلفة الخامات، لا تقل غالبًا عن 15% منها، علمًا بأن صاحب المنزل أثناء اتفاقه مع المهندس سيختار نوع الخامات وثمنها كما هو محدد في أماكن بيعها، ثم قد يقوم المالك وحده بشرائها وإحضارها أو يصطحب المهندس معه عند الشراء، أو أن يفوض المهندس وحده في الشراء، فما حكم هذه المعاملة شرعًا؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.
ما حكم التجارة في المفرقعات واستعمالها؟ ففي هذه الأيام يكثر بين الشباب والأطفال استعمال المفرقعات والألعاب النارية في المواسم المختلفة في الشوارع وبين المحلات والمنازل، وتتوالى علينا من حين لآخر أخبار الحوادث والمصائب التي تصيبهم في أنفسهم، من نحو بتر أصبعٍ، أو إصابة عينٍ، وكذا الإصابة بالحروق المختلفة في الجسد، أو ما تتسبب به من الأذى البالغ للآخرين من المارَّةِ وأصحاب المحلات والمخازن، حيث تتسبب أحيانًا في اشتعال الحرائق وإتلاف الأموال والأنفس، وأقل كل هذا الضرر هو إحداث الضوضاء، وترويع الآمنين.
حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف بمبالغ معينة لبعض الشركات أو الأفراد للمساعدة في التواصل مع أصحاب هذه الأرقام؟ فهناك بعض الأفراد الذين يعملون في بعض الجهات التي تقدم خدمات لجمهور المتعاملين معها، ويقوم هؤلاء الأفراد بجمع أرقام هواتف العملاء وبياناتهم وعمل قائمة بها دون علم أصحابها، ثم يبيعونها لشركاتٍ أخرى تقدم خدماتٍ للجمهور، مقابل مبلغ مالي. فما حكم الشرع في ذلك؟