هل يحصل ثواب الجماعة بصلاة الرجل في البيت بزوجته جماعة؟ فرجلٌ اعتاد أن يصلي الصلوات المفروضة في المسجد مع الجماعة، لكنه في بعض الأوقات يكون مرهقًا فيصلي في البيت هو وزوجته جماعةً، فهل يعد بذلك محققًا صلاةَ الجماعة هو وزوجته، مُحصِّلَين فضلَها؟
صلاة الجماعة من أعظم شعائر الإسلام، أمر بها ورغَّب في أدائها بمضاعفة المثوبة عليها وتعظيم أجرها عن صلاة المنفردِ، وهي تنعقد في غير الجمعة والعيدين باجتماعِ واحدٍ مع الإمام، رجلًا كان أو امرأة، في المسجدِ وغيره، ومن ثمَّ فإن أداء الرجل بعض الصلوات المفروضة في بيتهِ مع زوجتهِ أمرٌ تتحقق به صلاة الجماعةُ، وينالَان بذلك أجرَها، ويحصل لهما عظيمُ ثوابها.
المحتويات
من المقرر شرعًا أن صلاة الجماعة من خصائص الشرع الحنيف، وركيزة من ركائزه التي انفرد بها عن غيره من الشرائع والأديان، وحث على أدائها بمضاعفة المثوبة والأجر عليها عن صلاة المنفردِ وَحدَه.
والأصل في ذلك: ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه.
وفي روايةٍ: «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» أخرجها الإمام البخاري من حديث أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه.
قال الإمام أبو الحسن بن بَطَّال في "شرح صحيح الإمام البخاري" (2/ 272، ط. مكتبة الرشد): [قوله: بسبعٍ وعشرين درجة، وخمسٍ وعشرين ضعفًا، وخمس وعشرين جزءًا، يدلُّ على تضعيف ثواب المصلِّي في جماعة على ثواب المصلِّي وحده بهذه الأجزاء وهذه الأوصاف المذكورة] اهـ.
مع اتِّفاق الفقهاء على فضل صلاة الجماعة، إلا أنهم اختلفوا في حكمها التكليفي إلى أقوال، بيانها ما يأتي:
القول الأول: أنَّ صلاة الجماعة سُنة مؤكَّدة في حق الرجال، وإليه ذهب الحنفية في قول، والمالكية في المعتمد، والشافعية في وجهٍ.
القول الثاني: أنَّ صلاة الجماعة فرض كفاية، وإليه ذهب الشافعية في الأصح، ووافقهم الإمامان الكَرْخِي والطَّحَاوِي من الحنفية، ونقله الإمام المَازَرِي عن بعض فقهاء المالكية.
القول الثالث: أنَّ صلاة الجماعة واجبةٌ وجوبًا عينيًّا، وإليه ذهب الحنابلة، والحنفية في الراجح، والشافعية في وجهٍ آخَر.
ينظر في تحرير تلك الأقوال: "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين الحنفي (1/ 457، 1/ 552، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للإمام شرف الدين النَّوَوِي الشافعي (1/ 339، ط. المكتب الإسلامي)، و"الشرح الكبير" للإمام أبي البَرَكَاتِ الدَرْدِير المالكي مع "حاشية الإمام الدُّسُوقِي" (1/ 319، ط. دار الفكر)، و"مواهب الجليل" للإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي (2/ 81، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (1/ 551، ط. دار الكتب العلمية).
من المقرر أن الجماعة تنعقد في غير صلاة الجمعة والعيدين باثنين من المُكلَّفِين فأكثر، أي باجتماعِ واحدٍ مع الإمام، سواء كان ذلك الواحدُ -المأموم- رجلًا، أو امرأة، وسواء كان ذلك بالمسجد أو في غيره كالبيت والسوق ونحوه.
قال الإمام الحافظ ابن رَجَب في "فتح الباري" (6/ 39، ط. مكتبة الغرباء): [لا نعلم خلافًا أن الجماعة تنعقد باثنين إذا كانا من أهل التكليف ولو كَانَ المأمومُ امرأةً] اهـ.
والأصل في ذلك: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» أخرجه الإمامان: البخاري -واللفظ له- ومسلم من حديث مالك بن الحُوَيْرِث رضي الله عنه.
قال الإمام شرف الدين النَّوَوِي في "شرحه على صحيح الإمام مسلم" (5/ 175، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفيه: أن الجماعة تصح بإمام ومأموم، وهو إجماع المسلمين] اهـ.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» أخرجه الأئمة: ابن ماجه والدَّارَقُطْنِي والحاكم.
وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَبْصَرَ رجلًا يصلي وَحدَه، فقال: «أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ» أخرجه الأئمة: أحمد وأبو داود والحاكم.
قال العلامة الشَّوْكَانِي في "نيل الأوطار" (3/ 181، ط. دار الحديث): [واستدل به أيضًا على أن أقل الجماعة اثنان] اهـ.
لَمَّا كان الأمر كذلك، فإذا أمَّ الرجلُ زوجتَه وصلى بها في البيت تحقق بصلاتهما الجماعةُ، ونالَا بذلك أجرَ ثوابها.
قال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 396، ط. دار الفكر): [لو جَمع بأهله لا يكره، وينال فضيلة الجماعة] اهـ.
وقال الإمام أبو عبد الله الخَرَشِي المالكي في "شرح مختصر الإمام ضياء الدين خليل" (2/ 18، ط. دار الفكر) عند الحديث عن استحباب إعادة الصلاة في جماعة: [(ص) ونُدب لمن لم يُحَصِّلْه، كمُصَلٍّ بصبي، لا امرأة، أن يُعيد مفوضًا مأمومًا ولو مع واحد. (ش) يعني: أنه يستحب لمن لم يُحَصِّل فضل الجماعة، بأن صلى منفردًا في غير المساجد الثلاثة، أو لم يدرك مِن صلاة الجماعة ركعةً، أو صلى معه صبيٌّ، أن يطلب جماعةً يعيد معها ما دام الوقت باقيًا، بخلاف من صلى معه امرأةٌ فليس له الإعادة في جماعة؛ لحصول فضلها له] اهـ. فأفاد استثناءُ المرأة من عدم حصول ثواب الجماعة أن ثواب الجماعة حاصلٌ بالصلاة بها، وأن صلاة الرجل بزوجته جماعةً يحصل بها فضلُ صلاة الجماعة وثوابُها.
وقال الإمام شرف الدين النَّوَوِي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 341): [إذا صلَّى الرجل في بيتهِ برَفيقهِ، أو زوجتهِ، أو ولدهِ، حازَ فضيلة الجماعة] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (2/ 131، ط. مكتبة القاهرة): [ولو أمَّ الرجل.. زوجته أدرَك فضيلة الجماعة] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فصلاة الجماعة من أعظم شعائر الإسلام، أمر بها ورغَّب في أدائها بمضاعفة المثوبة عليها وتعظيم أجرها عن صلاة المنفردِ، وهي تنعقد في غير الجمعة والعيدين باجتماعِ واحدٍ مع الإمام، رجلًا كان أو امرأة، في المسجدِ وغيره، ومن ثمَّ فإن أداء الرجل بعض الصلوات المفروضة في بيتهِ مع زوجتهِ أمرٌ تتحقق به صلاة الجماعةُ، وينالَان بذلك أجرَها، ويحصل لهما عظيمُ ثوابها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
بجوارنا مسجدٌ والقائمون على شئونه يمنعون النَّاس من أداء سنة الجمعة القبلية؛ فما حكم الشرع في سنة الجمعة؟
سائل يقول: ما حكم قراءة بعض آية بعد الفاتحة في الصلاة؟
ما هي درجة الانحراف المسموح بها في القبلة؟ حيث إن المسجد قائم، والقبلة فيه تنحرف 13 درجة يمينًا؟
ما حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد؟
ما حكم غلق جميع الصيدليات وقت الصلاة، حيث يوجد بالمدينة التي أعيش فيها خمس صيدليات أهلية داخل المدينة، وكل هذه الصيدليات تُقفَل للتوجُّه لأداء الصلوات المكتوبة بالمساجد، والتي تستغرق من نصف إلى ثلاثة أرباع ساعة حسب بُعد المسجد وقُربِه، وقد يحضر المرضى والمصابون للعيادات التي تقوم على الفور بطلب الدواء اللازم لحالة المريض أو المصاب من الحوادث، والحالات تتراوح ما بين المتوسطة إلى الحالات الحرجة والخطرة التي تتطلب دواءً فوريًّا كمرضى القلب أو الجلطات أو نزيف الدم، وقد حصل معي هذا أكثر من مَرَّة وأُشهِد الله على ذلك، وقد قمت في المرة الأخيرة بتوبيخ أحد الصيادلة، وكان يُقفِل الصيدلية لأداء فريضة صلاة العشاء والتي غاب فيها نصفَ ساعة، مما ترتَّب عليها في حالة المريضِ ما ترتَّب، وقلت له حسب فهمي البسيط -كمواطنٍ مسلمٍ- لدينِ الإسلام: إن إنقاذَ حياة مريضٍ أفضلُ مِن صلاتك في المسجد وقَفْلك للصيدلية؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.
وعليه: ما حكم الإسلام في قفل الصيدلية وقت الصلاة لأكثر من نصف ساعة وترك الحالات المَرَضِيَّة المذكورة دون أن توجد بين الصيدليات صيدلياتٌ مُناوِبة؟ وهل يجوز للصيدلي أن يؤدي صلاته في مكان عمله ويتابع صرف الدواء للمرضى أصحاب الحالات الحرجة؟
ما حكم قول الله أكبر عند الرفع من الركوع؟ فبينما كنتُ أصلي أمس وعند الرَّفع من الركوعِ نسيتُ فقلت: "الله أكبر"، بدلًا من قول: "سمع الله لمن حمده"، فما حكم صلاتي؟ مع العلم أني تداركت الأمر وقلت هذا الذكر المطلوب بعدها.