01 يناير 2017 م

ذكر ما وقع في السنة الثانية والثالثة من التحدث بما أنعم الله به من النبوة والدّعوة إلى الدين الحق سرّا

ذكر ما وقع في السنة الثانية والثالثة من التحدث بما أنعم الله به من النبوة والدّعوة إلى الدين الحق سرّا

بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستجيب لأمر الله بدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام، ولكنه كان في بداية الأمر يستر أمر النبوة ويدعو إلى الإسلام في السر؛ حذرًا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبةً لشركها، ووثنيتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلا من كانت تشده إليه قرابةٌ أو معرفةٌ سابقة.

ولقد استمر الأمر هكذا لمدة ثلاث سنين، وكان أبو بكر رضي الله عنه، أيضًا يدعو مَن يثق به من قومه.

وروي عن عروة بن الزبير، وغيره من أهل العلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من حين أنزل عليه: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبكَ﴾ [العلق: 1] إلى أن كُلِّف بالدعوة، وإظهارها، وأُنزِل قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ [الحجر: 94] وقوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214] ثلاثَ سنين لا يُظهر الدعوة في تلك المدة إلا للمختصين، ثم أعلن وصدع بما يأمر الله تعالى به نحو عشر سنين بمكة.

وكان في أوائل من دخل الإسلام من هؤلاء -كما جاء في المقالة السابقة: السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وسيدنا سيدنا علي بن أبى طالب، وسيدنا زيد بن حارثة مولى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومتبناه، وسيدنا أبو بكر بن أبي قحافة، وسيدنا عثمان بن عفان، وسيدنا الزبير بن العوام، وسيدنا عبد الرحمن بن عوف، وسيدنا سعد بن أبي وقاصٍ وغيرهم، رضي الله عنهم جميعًا.

فكان هؤلاء يلتقون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم سِرًّا، وكان أحدهم إذا أراد ممارسة عبادةٍ من العبادات ذهب إلى شِعاب مكة يستخفي فيها عن أنظار قريش.

ثم لما زاد الذين دخلوا في الإسلام على الثلاثين-ما بين رجل وامرأة- اختار لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دار أحدهم، وهو الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه، ليلتقي بهم فيها؛ لحاجات الإرشاد والتعليم، وكانت حصيلة الدعوة في هذه الفترة ما يقارب أربعين رجلًا وامرأة دخلوا في الإسلام، عامتُهم من الفقراء والأرِقاء وممن لا شأن له بين قريش.

ولا ريب أن تكتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته إلى الإسلام، خلال هذه السنوات الأولى، لم يكن بسبب الخوف على نفسه، فهو حينما كُلِّف بالدعوة، ونزل عليه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ۝ قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ [المدثر: 1-2] علم أنه رسول الله إلى الناس، وهو لذلك كان يوقن بأنَّ الإله الذي ابتعثه، وكلَّفه بهذه الدعوة، قادرٌ على أن يحميه ويعصمه من الناس، على أن الله عز وجل لو أمره من أول يوم أن يصدع بالدعوة بين الناس علنًا، لما توانى عن ذلك لحظة، ولو كان يتراءى له في ذلك مصرعه صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن هنا ندرك، أن أسلوب دعوته عليه الصلاة والسلام، في هذه الفترة، كان من قبيل السياسة الشرعية لكونه إمامًا، وليس من أعماله التبليغية عن الله تعالى لكونه نبيًّا.

المراجع:

- "تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس"، لحسين بن محمد بن الحسن الديار بَكْري.

- "فقه السيرة" للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

كان انتهاء حصار الشِّعْبِ في المحرم من السنة العاشرة للبعثة، وتُوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر أي في شهر رجب، فلم يمض على خروجه من الشِّعْبِ إلا أشهر معلومات حتى أصابه مرض الوفاة ثم توفي.


لما أراد الله سبحانه إظهار دينه وإعزاز نبيِّه، وإنجاز وعده له خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في موسم الحَجِّ، فعرض نفسَه على قبائل العرب؛ كما كان يصنع في كلِّ موسمٍ، فبينما هو عند العقبة ساق اللهُ نفرًا من الخزرَجِ أراد الله بهم خيرًا، فكانوا طلائع هذا النور الذي أبى اللهُ إلا أن يكون من المدينة.


للمسلمين عناية خاصة بسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم العطرة عبر تاريخهم الطويل بدءًا من اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بتسجيل أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته صلى الله عليه وسلم


- مدخلُ رسول الله ﷺ -سيرتُه في بيته-: يقول الإمام الحسين بن علي رضى الله عنهما: "سألت أبي عن مدخل رسول الله عليه الصلاة والسلام -سيرته في بيته-"؟ فقال: "كان دخوله عليه الصلاة والسلام لنفسه مأذونٌ له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزَّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزء لله عز وجل، وجزء لأهله، وجزء لنفسه، ثم قسَّم جُزأَه بينه وبين الناس فيرُدّ بالخاصة على العامة، ولا يدّخر عنهم شيئًا. فكان من سيرته في جزءِ الأُمَّةِ إيثار أهل الفضل بإذنه، وقَسَّمه على قدر فضلهم في الدين؛ فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج؛ فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمَّة من مسألته عنهم، وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول عليه الصلاة والسلام : «ليبلِّغ الشاهدُ منكم الغائب، وأبلغونا حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سُلطانًا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبَّتَ اللهُ قدميه يوم القيامة»، لا يُذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبلُ من أحد غيره، يدخلون عليه رُوادًا، ولا يفترقون إلا عن ذواقٍ، ويخرجون أدلةً -يعني فقهاء-" رواه الترمذي.


كانت العرب في الجاهلية تُعظِّم البيت الحرام وتحج إليه وتُقدِّرهُ وترعى حُرمته ولا يجرؤ أحد على امتهانه ولا التقليل من شأنه، وكان هناك ملك لليمن أصله من الحبشة إذ ذاك يقال له أبرهة يدين بالنصرانية فوَجَد في نفسه على الكعبة وأراد أن يصرف العرب عن الحج إليها فبنى كنيسة في صنعاء وسمَّاها القُليس ليحج الناس إليها.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57