01 يناير 2017 م

علوم الحكمة (الفلسفة) في الحضارة الإسلامية

علوم الحكمة (الفلسفة) في الحضارة الإسلامية

من العلوم التي أسهم فيها المسلمون بإسهام وافر وبارز علوم الحكمة أو الفلسفة كما هو شائع، وتهتم علوم الحكمة بالنظر العقلي البحت لتكوين رؤية كلية للكون وللحياة، ومصطلح الفلسفة الإسلامية يوحي بارتباط هذا المفهوم بالقيم القرآنية والنبوية، فهو يكون رؤية شاملة للكون والخلق والحياة والخالق لا تتعارض مع كليات العقيدة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الآن نظرية المعرفة في الحضارة الإسلامية، لقد نشأت الفلسفة وتطورت في ظل الحضارة اليونانية على يد أرسطو وأفلاطون وغيرهما، بيد أن هذه الفلسفة قد بنت تصوراتها عن الخالق بمعزل عن الوحي الإلهي.

وفي عصر ازدهار الحضارة الإسلامية في عهد الدولة العباسية نشطت حركة الترجمة نشاطًا كبيرًا؛ مما تسبب في انتشار الفكر الفلسفي اليوناني، وقد دخل كثير من الفلاسفة إلى ساحة العقل الإسلامي عن طريق الترجمة، ودخل أرسطو إلى الساحة العربية الإسلامية بعد حملة الترجمة التي قام بها الخليفة المأمون. وأول كتاب تم ترجمته لأرسطو كان كتاب "السماء والعالم" من قِبل يوحنا بن البطريق عام 200هـ، وقام ابن المقفع وابنه محمد أيضًا بترجمة بعض كتب أرسطو مثل كتب "الأرغانون" وكتاب "التحليلات الأولى" وكتاب "المنطق" لفورفوريوس. وبالتوازي مع هذه الحركة نشأت علوم الكلام عند المسلمين بغرض إقامة الحجج والبراهين القطعية على إثبات أصول العقائد الدينية، في الإلهيات والنبوات والسمعيات مع دفع الشبهات التي تثار من قِبل المخالفين، وحدث تزاوج عجيب بين علم الكلام والفلسفة على يد فلاسفة الإسلام العظام من أمثال يعقوب بن إسحاق الكندي (ت: 265هـ) الذي نشأ في خلافة المعتصم الذي وظف المنطق اليوناني في تفسير وفهم القرآن الكريم، بل وفي إثبات أن الله تعالى وحده هو الذي لا يطرأ عليه الحدوث ولا التغير وأن كل ما عداه من خلقه حادث متغير، لقد كانت فلسفة الكندي بمثابة أول عملية أسلمة للفلسفة اليونانية، حيث قرر الكندي أن العقل والوحي أو الحقيقة الدينية والحقيقة العقلية هما وجهان لعملة واحدة لا يمكن أن يطرأ عليهما التناقض بوجه من الوجوه.

وجاء بعد الكندي أبو نصر الفارابي (ت: 339هـ) الذي طور نظرية الكندي في مفهوم الحقيقة فقال بوحدة الحقيقة أي وحدة الحقيقة الطبيعية الفلسفية، وكان مائلًا بشدة إلى التوفيق بين آراء أرسطو وأفلاطون ووضع كتاب "الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو"، وكتب أيضًا كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة، الذي رآها متمثلة في المدينة المنورة تحت قيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويعد كتابه "الحروف" من الكتب المهمة في فهم البعد المنطقي والفلسفي للغة ووضعها. وقد وصلت الفلسفة الإسلامية إلى قمة النضج والتطور على يد ابن سينا صاحب كتاب "الإشارات". طرح ابن سينا فكرته في الإثبات العقلي على وجود الخالق التي يجب أن تبدأ حسب رأيه بفهم طريقة تفكير الإنسان أولًا، وهو موافق لفكر أرسطو بأن الحركة وإن كانت تبدو عملية لا متناهية فإن مصدرها الثبات، وإن هذه الكينونة الثابتة هي التي حولت الثبات إلى حركة. ثم جاءت إسهامات الفلاسفة الإسلاميين كالغزالي الذي وقف من الفلسفة موقفا نقديًّا شديدًا في كتابه "تهافت الفلاسفة"، وبهذه النظرة ألغى الغزالي أي دور للفلسفة في إثبات أو عدم إثبات وجود الخالق من خلال طرحه الفكري بأنه لا يمكن استعمال الفلسفة في الوصول إلى اليقين الذي لا يقبل الجدل حول ماهية الله، فمعرفة الله - كانت حسب نظره - لا يتوصل إلى اليقين فيها من طريق التفكير العقلي المبني على قواعد علم الكلام، ولكن هذا التصريح لم يكن نهاية الفلسفة الإسلامية؛ حيث قام ابن رشد من قرطبة بإحياء دور الفلسفة في الوصول إلى معرفة الله، حيث اعتبر ابن رشد الفلسفة أعلى مراتب التدين، وألف في ذلك كتابه "تهافت التهافت".

 

كان نشرُ العلم أحدَ القواعد الأساسيَّة التي قامت عليها الحضارة الإسلامية؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معلِّمًا وداعيًا، يهديِ به اللهُ من يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ، فقد خاطبه الله تعالى قائلًا له: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ۞ وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ [الأحزاب: 45-46].


دعا الإسلام للتعارف والحوار، وحثَّ المسلمين على ذلك، لأهمية الحوار في نزع فتيل الأزمات، ويمنع من تفاقمها، ويوضح ما خفي، ويبين ما اسْتُبْهِمْ


من العلوم التجريبية التي أسهمت فيها الحضارة الإسلامية بنصيب كبير علوم الطبيعة (الفيزياء)، وشأن كل العلوم بدأ المسلمون في استيعاب ما وصلت إليه الحضارات القديمة في هذا العلم، ثم ما لبث المسلمون حتى قاموا بالتجديد والتطوير والإضافات الفريدة التي قامت على أسس البحث التجريبي الصرف الذي كان لعلماء المسلمين فضل السبق في إرساء دعائمه. وكان من نتائج المنهج التجريبي لدى المسلمين استنتاج نظريات جديدة وبحوث مبتكرة في قوانين الحركة، والقوانين المائية، وقانون


بُعث رسول صلى الله عليه وسلم رحمةً للعالمين، وليس من المتصور عقلًا أن يدخل الناس جميعًا في الإسلام، بل جرت سنة الله في خلقه أن يكون فيهم المؤمن والكافر، والمسلِّمُ والناقد، والباحث عن الحق بجدٍّ وإخلاص، والباحث المغرض من أجل الطعن والتشكيك... إلى غير ذلك من أنواع المدارك والأفكار والفلسفات الإنسانية التي يجزم فيها كل معتقد أنه على الحق وغيره على الباطل، لكنَّ هذا كله لا يخرجهم عن إطار الرحمة المحمدية التي هي للناس عامة،


كان للحضارة العربية الإسلامية مكانة سامقة بين الأمم في خدمة علم الحساب وتطويره، وقد كان العرب يحسبون بواسطة الحروف، فكان لكل حرف قيمة عددية، ثم نقلوا النظام العشري عن الهنود، وهو نظام الأرقام من 1 إلى 9، وكان النمطان المشهوران لكتابة الأرقام موجودَين لدى العرب، وقد أخذ الغرب طريقة كتابة الأرقام المنتشرة هناك الآن عن بلاد المغرب، فيما بقيت البلاد المشرقية على استخدام النمط الآخر المنتشر في مصر ومعظم الدول العربية، وهما مأخوذان من الهند، ولكن قام العرب بتطوير أشكالها، كما أضافوا الصفر الذي أحدث نُقلة كبيرة في علم الحساب، فقد كان الهنود يستعملون الفراغ ليدل على الخانة التي ليس فيها رقم، فوضع المسلمون رسم الصفر في خانة الفراغ.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 02 مايو 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :11
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :58